للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُقْتُصَّ لَهَا أَوْ اُقْتُصَّ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ النَّفَرُ يَقْتُلُونَ الْمَرْأَةَ وَالنِّسْوَةُ يَقْتُلْنَ الرَّجُلَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ جِرَاحُهُ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ كُلُّهَا بِجِرَاحِهَا إذَا أَقَدْتهَا فِي النَّفْسِ أَقَدْتهَا فِي الْجِرَاحِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ النَّفْسِ وَلَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي الدِّيَةِ فَإِذَا أَرَادَ أَوْلِيَاؤُهَا الدِّيَةَ فَدِيَتُهَا نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ وَإِنْ أَرَادَ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ دِيَتَهُ مِنْ مَالِهَا فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ لَا تُنْقَصُ لِقَتْلِ الْمَرْأَةِ لَهُ وَحُكْمُ الْقِصَاصِ مُخَالِفٌ حُكْمَ الْعَقْلِ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَوُلَاةُ الْمَرْأَةِ وَوَرَثَتُهَا كَوُلَاةِ الرَّجُلِ وَوَرَثَتِهِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي الدِّيَةِ.

وَإِذَا قُتِلَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا يَتَحَرَّكُ وَلَدُهَا أَوْ لَا يَتَحَرَّكُ فَفِيهَا الْقَوَدُ وَلَا شَيْءَ فِي جَنِينِهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا، فَإِذَا زَايَلَهَا مَيِّتًا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ وَفِيهِ غُرَّةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ زَايَلَهَا حَيًّا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ إنْ مَاتَ وَفِيهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَخَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَسَوَاءٌ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ مَنْ عَلَيْهَا فِي قَتْلِهِ الْقَوَدُ فَذَكَرَتْ حَمْلًا حُبِسَتْ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، ثُمَّ أُقِيدَ مِنْهَا حِينَ تَضَعُ حَمْلَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِهَا مُرْضِعٌ.

فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ تَرَكَتْ بِطِيبِ نَفْسٍ وَلِيَّ الدَّمِ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا حَتَّى يُوجَدَ لَهُ مُرْضِعٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَتْ لَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ، ثُمَّ وَجَدَتْ تَحَرُّكًا انْتَظَرَتْ حَتَّى تَضَعَ الْمُتَحَرِّكَ أَوْ يُعْلَمَ أَنْ لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهَا حَمْلٌ فَادَّعَتْهُ.

اُنْتُظِرَ بِالْقَوَدِ مِنْهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ أَوْ يُعْلَمَ أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا، وَلَوْ عَجَّلَ الْإِمَامُ فَاقْتَصَّ مِنْهَا حَامِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْمَأْثَمُ حَتَّى تُلْقِيَ جَنِينًا، فَإِنْ أَلْقَتْهُ ضَمِنَهُ الْإِمَامُ دُونَ الْمُقْتَصِّ لَهُ. وَكَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لَا بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى بِأَنْ يُقْتَصَّ مِنْهَا، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَبْلُغْ وَلِيَّ الدَّمِ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهَا ضَمِنَ الْإِمَامُ جَنِينَهَا.

قَتْلُ الرَّجُلِ النَّفَرَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا قَتَلَ رَجُلٌ نَفَرًا فَأَتَى أَوْلِيَاؤُهُمْ جَمِيعًا يَطْلُبُونَ الْقَوَدَ وَتَصَادَقُوا عَلَى أَنَّهُ قَتَلَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ أَوْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ اُقْتُصَّ لِلَّذِي قَتَلَهُ أَوَّلًا وَكَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ قُتِلَ آخِرًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ أَحْبَبْت لِلْإِمَامِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَتَلَ غَيْرَ الَّذِي جَاءَهُ أَنْ يَبْعَثَ إلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ طَلَبَ الْقَوَدَ قَتَلَهُ بِمَنْ قُتِلَ أَوَّلًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَاقْتَصَّ مِنْهُ فِي قَتْلِ آخَرَ أَوْ أَوْسَطَ أَوْ أَوَّلٍ كَرِهْتُهُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّهِمْ عَلَيْهِ الْقَوَدَ، وَأَيُّهُمْ جَاءَ فَأَثْبَتَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِقَتْلِ وَلِيٍّ لَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ حَتَّى جَاءَ آخَرُ فَأَثْبَتَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِقَتْلِ وَلِيّ لَهُ قَتْلُهُ دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَثْبَتُوا عَلَيْهِ مَعًا الْبَيِّنَةَ أَيُّهُمْ قُتِلَ أَوَّلًا: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ أَحْبَبْت لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ قَتَلَ وَلِيَّهُ أَوَّلًا فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ قَتَلَهُ لَهُ وَأَعْطَى الْبَاقِينَ الدِّيَاتِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَهُمْ مَعًا أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قُتِلَ رَجُلٌ عَمْدًا وَوَرَثَتُهُ كِبَارٌ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ وَقُتِلَ آخَرُ عَمْدًا وَوَرَثَتُهُ بَالِغُونَ فَسَأَلُوا الْقَوَدَ لَمْ يُعْطُوهُ وَحُبِسَ عَلَى صَغِيرِهِمْ حَتَّى يَبْلُغَ وَغَائِبِهِمْ حَتَّى يَحْضُرَ فَلَعَلَّ الصَّغِيرَ وَالْغَائِبَ يَدَعَانِ الْقَوَدَ فَيَبْطُلُ الْقَوَدُ وَيُعْطَوْنَ دِيَتَهُ فِي مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ دَفَعَهُ الْإِمَامُ إلَى وَلِيِّ الَّذِي قُتِلَ آخِرًا وَتَرَكَ الَّذِي قَتَلَهُ أَوَّلًا فَقَتَلَهُ كَانَ عِنْدِي مُسِيئًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ كُلَّهُمْ اسْتَوْجَبَ دَمَهُ عَلَى الْكَمَالِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَرِجْلَ آخَرَ وَقَتَلَ آخَرَ ثُمَّ جَاءُوا يَطْلُبُونَ الْقِصَاصَ مَعًا اُقْتُصَّ مِنْهُ الْيَدُ وَالرِّجْلُ، ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ الْيُمْنَى وَكَفَّ آخَرَ الْيُمْنَى، ثُمَّ جَاءُوا مَعًا يَطْلُبُونَ الْقَوَدَ أَقَصَصْت مِنْ الْأُصْبُعِ وَخَيَّرْت صَاحِبَ الْكَفِّ بَيْنَ أَنْ أَقُصَّهُ وَآخُذَ لَهُ أَرْشَ الْأُصْبُعِ أَوْ آخُذَ لَهُ أَرْشَ الْكَفِّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَدَأَ فَأَقَصَّهُ مِنْ الْكَفِّ أُعْطِي صَاحِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>