للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجُلِ أَوْ نَفْسَهُ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ الْبَصَرَ قَدْ يُمْتَنَعُ مِنْهُ بِالتَّوَارِي عَنْهُ بِالسِّتْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّجُلُ يُصْحِرُ لِلرَّجُلِ فَيَخَافُ قَتْلَهُ وَأَبَحْت رَدْعَ الْبَصَرِ بِالْحَصَاةِ وَمَا أَشْبَهَهَا بِمَا حَكَيْت مِنْ الْخَبَرِ وَبِأَنَّ الْمُبْصِرَ لِلْعَوْرَةِ مُتَعَدٍّ وَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ مِنْ التَّعَدِّي أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقْدِرُ الْمُرَادُ عَلَى أَنْ يَهْرُبَ عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْ الْمُرِيدِ فَأَجْعَلُ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَهْرُبَ وَأَنْ يَدْفَعَ إرَادَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِالضَّرْبِ بِالسِّلَاحِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِ الْمَدْفُوعِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَنْزِلَ الرَّجُلِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِسِلَاحٍ فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ وَإِنْ أَتَى الضَّرْبُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا وَلَّى رَاجِعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَرْبُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ فُسْطَاطَهُ فِي بَادِيَةٍ وَفِيهِ حَرَمُهُ أَوْ لَا حَرَمَ لَهُ فِيهِ أَوْ خِزَانَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حُرْمَةٌ إذَا رَأَى أَنَّهُ يُرِيدُ مَالَهُ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ الْفِسْقَ، وَهَكَذَا إنْ أَرَادَ دُخُولَ مَنْزِلِهِ أَوْ كَابَرَهُ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّاخِلُ يُعْرَفُ بِسَرِقَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ لَا يُعْرَفُ بِهِ.

(قَالَ): وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ الْقَاتِلُ إنْ قَتَلَ وَلَا الْجَارِحُ إنْ جَرَحَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أُعْطِيَ مِنْهُ الْقَوَدُ وَلَوْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا هَذَا مُقْبِلًا إلَى هَذَا بِسِلَاحٍ شَاهِرُهُ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ فَضَرَبَهُ هَذَا فَقَتَلَهُ أَهْدَرْتُهُ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ دَاخِلًا دَارِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ سِلَاحًا أَوْ ذَكَرُوا سِلَاحًا غَيْرَ شَاهِرِهِ فَقَتَلَهُ أَقَدْتُ مِنْهُ لَا أَطْرَحُ الْقَوَدَ إلَّا بِمُكَابَرَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ وَأَنْ يُشْهَرَ عَلَيْهِ سِلَاحٌ وَتَقُومُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا هَذَا مُقْبِلًا إلَى هَذَا فِي صَحْرَاءَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ فَقَتَلَهُ الرَّجُلُ أَقَدْته بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقْبِلُ الْإِقْبَالَ غَيْرَ الْمَخُوفِ مُرِيدًا لَهُ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ الْإِقْبَالَ الْمَخُوفَ فَأَيُّ سِلَاحٍ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقْبَلَ بِهِ إلَيْهِ الْعَصَا أَوْ وَهَقٌ أَوْ قَوْسٌ أَوْ سَيْفٌ أَوْ غَيْرُهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْهِ شَاهِرُهُ أَهْدَرْته.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ فِي صَحْرَاءَ بِسِلَاحٍ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَيْ الَّذِي أُرِيدَ، ثُمَّ وَلَّى عَنْهُ فَأَدْرَكَهُ فَذَبَحَهُ أَقَدْته مِنْهُ وَضَمَّنْت الْمَقْتُولَ دِيَةَ يَدَيْ الْقَاتِلِ وَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فِي إقْبَالِهِ وَضَرْبَةً أُخْرَى فِي إدْبَارِهِ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَوَدٌ وَجَعَلْت عَلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ؛ لِأَنِّي جَعَلْته مَيِّتًا مِنْ الضَّرْبَةِ الَّتِي كَانَتْ مُبَاحَةً وَالضَّرْبَةِ الَّتِي كَانَتْ مَمْنُوعَةً فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا لَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ أَوْ غَشُوهُمْ فِي حَرِيمِهِمْ فَتَصَافُّوا فَقُتِلَ الْمَظْلُومُونَ فَمَنْ قُتِلُوا هَدَرٌ وَمَنْ قَتَلَ الظَّالِمُونَ لَزِمَهُمْ فِيهِ الْقَوَدُ وَالْعَقْلُ وَمَا ذَهَبُوا بِهِ لَهُمْ لَا يَسْقُطُ عَنْ الظَّالِمِينَ شَيْءٌ نَالُوهُ حَتَّى يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حُكْمَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ مَعَ الظَّالِمِينَ قَوْمٌ مُسْتَكْرَهُونَ أَوْ أَسْرَى فَاقْتَتَلُوا فَقَتَلَ الْمُسْتَكْرَهُونَ بِضَرْبٍ أَوْ رَمْيٍ لَمْ يَعْمِدُوا بِهِ أَوْ عَمَدُوا وَهُمْ لَا يُعْرَفُونَ مُكْرَهِينَ فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ عَلَى الْمَظْلُومِينَ الَّذِينَ نَالُوهُمْ وَعَلَيْهِمْ فِيهِمْ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَعْنَى الْمُسْلِمِينَ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ يُنَالُونَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ عَمَدَهُمْ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُمْ مُسْتَكْرَهُونَ أَوْ أَسْرَى فَعَلَيْهِ فِيهِمْ الْقَوَدُ إنْ نَالَ مِنْهُمْ مَا فِيهِ الْقَوَدُ وَالْعَقْلُ إنْ نَالَ مِنْهُمْ مَا فِيهِ الْعَقْلُ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا بِأَنْ يَجْهَلَ حَالَهُمْ أَوْ يَعْرِفَهُمْ فَيُصِيبَهُمْ مِنْهُ فِي الْقِتَالِ مَا لَا يَعْمِدُهُمْ بِهِ خَاصَّةً أَوْ يَعْمِدُ الْجَمْعَ الَّذِينَ هُمْ فِيهِ أَوْ يُشْهِرُ عَلَيْهِ سِلَاحًا فَيَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ الزَّحْفَانِ ظَالِمَيْنِ، مِثْلُ أَنْ يَقْتَتِلُوا عَلَى نَهْبٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ وَيَغْشَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي حَرِيمِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فِيمَا أَصَابَ مِنْ صَاحِبِهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ إلَّا أَنْ يَقِفَ رَجُلٌ فَيَعْمِدَهُ رَجُلٌ بِضَرْبٍ فَيَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ لَهُ دَفْعَهُ عَنْهَا وَمَا قُلْت إنَّ لِلرَّجُلِ فِيهِ أَنْ يَضْرِبَ الْمُرِيدَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمُرِيدُ مُقْبِلًا إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرَادِ مَعَ يَمِينِهِ كَانَ الْمُرَادُ شُجَاعًا أَوْ جَبَانًا أَوْ الْمُرِيدُ مَأْمُونًا أَوْ مَخُوفًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا غَشِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ فِي حَرِيمِهِمْ أَوْ غَيْرِ حَرِيمِهِمْ لِيُقَاتِلُوهُمْ فَدَفَعَ الْمَغْشِيُّونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَا أَصَابُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا مُقْبِلِينَ فَهُوَ هَدَرٌ وَمَا أَصَابَ مِنْهُمْ الْغَاشُونَ لَزِمَهُمْ حُكْمُهُ عَقْلًا وَقَوَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>