للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَبَوْهُ ثُمَّ مَاتَ

بَعْدَ مَا صَارَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ سَبِيًّا فَلَا قَوَدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مَمْلُوكًا فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَمْلُوكٍ وَعَلَى الذِّمِّيِّ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ قِيمَةِ الْجِرَاحِ حُرًّا كَأَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ فَكَانَتْ فِيهِ إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ وَثُلُثَا بَعِيرٍ وَهِيَ نِصْفُ دِيَتِهِ أَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا فَفِي يَدِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ نِصْفِ دِيَتِهِ فَسَقَطَ الْمَوْتُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ بِهِ زِيَادَةً، وَجَمِيعُ الْأَرْشِ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْجَبَهُ بِالْجُرْحِ وَهُوَ حُرٌّ فَكَانَ مَالًا لَهُ أَمَانٌ أَوْ كَأَنَّهُ قُطِعَتْ يَدُهُ وَدِيَتُهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، ثُمَّ مَاتَ مَمْلُوكًا وَقِيمَتُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَعَلَى جَارِحِهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ صَارَتْ تَبَعًا لِلنَّفْسِ كَمَا يُجْرَحُ الْمُسْلِمُ فَيَكُونُ فِيهِ دِيَاتٌ لَوْ عَاشَ وَلَوْ مَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ وَاحِدَةً وَيُجْرَحُ مُوضِحَةً فَيَمُوتُ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةٌ كَمَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْجَارِحِ بِزِيَادَةِ النَّفْسِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ النَّقْصُ بِذَهَابِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بِالنَّفْسِ زِيَادَةٌ فَجَمِيعُ الْأَرْشِ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِمَا وَصَفْت أَنَّهُ اسْتَوْجَبَهُ وَهُوَ حُرٌّ لِمَا لَهُ أَمَانٌ يُعْطَاهُ وَرَثَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَفُقِئَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ مَاتَ وَقِيمَتُهُ أَقَلُّ مِمَّا وَجَبَ لَهُ بِالْجِرَاحِ لَوْ عَاشَ كَانَ عَلَى جَارِحِهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْجِرَاحِ وَالنَّفْسِ وَكَانَ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ مُسْتَأْمَنًا فَأَوْضَحَهُ، ثُمَّ لَحِقَ الْمَجْرُوحُ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَ فَصَارَ رَقِيقًا، ثُمَّ مَاتَ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ بِالْمُوضِحَةِ الَّتِي أُوضِحَ مِنْهَا ثُلُثُ مُوضِحَةِ مُسْلِمٍ كَانَ أَرْشُ مُوضِحَتِهِ لِوَرَثَتِهِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ مِنْ قِيمَتِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْجَانِي بِلُحُوقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ، وَالْآخَرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَالْمَوْتَ كَانَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ وَلِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْمَوْتِ، وَذَلِكَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَسْلَمَ فِي يَدَيْ سَيِّدِهِ ثُمَّ مَاتَ كَانَتْ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ فَتُحْسَبُ الزِّيَادَةُ فِي قَوْلِ مَنْ أَلْزَمَهُ إيَّاهَا وَتَسْقُطُ فِي قَوْلِ مَنْ أَسْقَطَهَا بِلُحُوقِهِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ مَاتَ حُرًّا كَانَ عَلَى جَارِحِهِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَدِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ جُنِيَ عَلَيْهِ حُرًّا وَمَاتَ حُرًّا فِي قَوْلِ مَنْ يُسْقِطُ الزِّيَادَةَ عَنْ الْجَانِي بِلُحُوقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَيَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ إنْ كَانَ فِي الْمَوْتِ فِي قَوْلِ مَنْ يُبْطِلُ الزِّيَادَةَ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَسْلَمَ وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَمَاتَ مُسْلِمًا حُرًّا ضَمِنَ قَاتِلُهُ الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَدِيَةِ حُرٍّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْجِنَايَةِ كَانَ مَمْنُوعًا فِي قَوْلِ مَنْ يُسْقِطُ الزِّيَادَةَ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَضَمَّنَهُ زِيَادَةَ الْمَوْتِ فِي قَوْلِ مَنْ لَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ. وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ فِي نَصْرَانِيٍّ جُرِحَ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ فَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَكَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا كَانَ مِثْلَ هَذَا فِي الْجَوَابِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَادُ مُشْرِكٌ مِنْ مُسْلِمٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ رَجُلًا فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ بَرَأَ، ثُمَّ ارْتَدَّ فَمَاتَ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ قَدْ وَجَبَتْ لِلضَّرْبِ وَالْبُرْءِ وَهُوَ مُسْلِمٌ.

الْحُكْمُ بَيْنَ أَهْل الذِّمَّةِ فِي الْقَتْلِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا قَتَلَ الذِّمِّيُّ الذِّمِّيَّةَ أَوْ الذِّمِّيَّ أَوْ الْمُسْتَأْمَنَ أَوْ الْمُسْتَأْمَنَةَ أَوْ جَرَحَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ فَإِذَا طَلَبَ الْمَجْرُوحُ أَوْ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ بِحُكْمِنَا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَخْتَلِفُ فَنَجْعَلُ الْقَوَدَ بَيْنَهُمْ كَمَا نَجْعَلُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا وَنَجْعَلُ مَا كَانَ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ فِي مَالِ الْجَانِي وَمَا كَانَ خَطَأً عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي إذَا كَانَتْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ أَهْلُ دِينِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَهُ وَلَا الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ مَالَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَقْتَصُّ الْوَثَنِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالصَّابِئِيُّ وَالسَّامِرِيُّ مِنْ الْيَهُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>