للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَى أَنْ يَرْمِيَ غَرَضًا فَيُصِيبَ رَجُلًا وَهَكَذَا لَوْ رَمَى نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الرَّمْيَةُ لَمْ يُقَدْ لِخُرُوجِ الرَّمْيَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَكَانَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ إنْ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ أَوْ أَرْشُ مُسْلِمٍ إنْ جَرَحَتْ وَلَمْ يَمُتْ مِنْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ رَمَاهُ مُرْتَدًّا أَوْ ضَرَبَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ وُقُوعِ الرَّمْيَةِ أَوْ الضَّرْبَةِ، ثُمَّ مَاتَ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ وُقُوعَ الْجِنَايَةِ كَانَتْ وَهِيَ مُبَاحَةٌ وَلَمْ يُحْدِثْ الْجَانِي عَلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ الْجِنَايَةِ غَيْرِ الْمَمْنُوعَةِ فَيَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَيَخْتِنَهُ أَوْ يَشُقَّ جُرْحَهُ أَوْ يَقْطَعَ عُضْوًا لَهُ لِدَوَاءٍ فَيَمُوتُ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَكَمَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الرَّجُلِ فَيَمُوتُ فَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ شَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ فَأَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ، ثُمَّ عَدَا عَلَيْهِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا فَمَاتَ مِنْ الْجُرْحَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَوَدٌ إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَرَثَتُهُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ مِنْ الدِّيَةِ وَطَلَبَ الْقَوَدِ مِنْ الْجُرْحِ الَّذِي كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَيَكُونُ لَهُمْ وَكَانَ عَلَيْهِ إنْ أَرَادُوا الْأَرْشَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ الْجُرْحُ عَمْدًا وَأَبْطَلْنَا النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَجَعَلْنَا الْمَوْتَ مِنْ جِنَايَةٍ غَيْرِ مَمْنُوعَةٍ وَجِنَايَةٍ مَمْنُوعَةٍ فَضَمَّنَّاهُ النِّصْفَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْجَانِي عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرَ الْجَانِي عَلَيْهِ قَبْلَهُ ضَمَّنَهُ نِصْفَ دِيَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى رَجُلٌ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَقَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ وَهُوَ مِمَّنْ لَا قَوَدَ لَهُ وَكَانَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ تَامَّةً حَالَّةً فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ خَطَأً كَانَتْ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ دِيَةُ مُسْلِمٍ تَامَّةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ فَرَّقْت بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ يُجْنَى عَلَيْهِ مُرْتَدًّا، ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ يَمُوتُ؟ فَقُلْت: الْمَوْتُ كَانَ مِنْ الْجِنَايَةِ الْأُولَى لَمْ يُحْدِثْ الْجَانِي بَعْدَهَا شَيْئًا فَيَغْرَمُ بِهِ وَلَمْ تَقُلْ فِي هَذَا الْمَوْتِ مِنْ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَتُغَرِّمُهُ دِيَةَ نَصْرَانِيٍّ قِيلَ لَهُ: إنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْمُرْتَدِّ كَانَتْ غَيْرَ مَمْنُوعَةٍ بِحَالٍ فَكَانَتْ كَمَا وَصَفْت مِنْ حَدٍّ لَزِمَ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ رَجُلٌ أَمَرَ طَبِيبًا فَدَاوَاهُ بِحَدِيدٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ بِكُلِّ حَالٍ مِنْ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ فَخَالَفَ النَّصْرَانِيَّ وَلَمَّا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ مُحَرَّمَةً مَمْنُوعَةً بِالذِّمَّةِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ وَحُكِمَ بِالْقَوَدِ مِنْ مِثْلِهِ وَتُرِكَ الْقَوَدَ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيَلْزَمُهُ بِهَا عَقْلٌ مَعْلُومٌ لَمْ يَجُزْ فِي الْجَانِي إلَّا أَنْ يَضْمَنَ الْجِنَايَةَ وَمَا تَسَبَّبَ مِنْهَا وَكَانَتْ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنَى الرَّجُلِ يُعَزَّرُ فِي غَيْرِ حَدٍّ فَيَمُوتُ فَيَضْمَنُ الْحَاكِمُ دِيَتَهُ وَيَمُوتُ بِأَنْ يُضْرَبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ فَيَغْرَمُ الْحَاكِمُ دِيَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

تَحَوّل حَال الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالْجَانِي يُعْتَقُ بَعْد رَقِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً عَمْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْجَانِي إذَا كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا، وَعَلَى الْقَاتِلِ دِيَةُ حُرٍّ حَالَّةً فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَطْعَ يَدٍ فَمَاتَ مِنْهَا غَرِمَ الْقَاطِعُ دِيَةَ الْعَبْدِ تَامًّا فَكَانَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ جُنِيَ عَلَيْهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَالْبَقِيَّةُ مِنْ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ أُعْتِقَ قَبْلَ الْمَوْتِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُوضِحَةً أَوْ غَيْرَهَا جَعَلْت لَهُ مَا مَلَكَ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَمْ أَجْعَلْ لَهُ مَا مَلَكَ بِالْجِنَايَةِ بِالْمَوْتِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فَقْءَ عَيْنَيْ الْعَبْدِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ أَلْفَيْ دِينَارٍ تُسَوِّي مِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا دِيَةُ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَتِمُّ بِمَوْتِهِ مِنْهَا إذَا مَاتَ حُرًّا لَا مَمْلُوكًا وَكَانَتْ الدِّيَةُ كُلُّهَا لِسَيِّدِهِ دُونَ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَلَكَ الدِّيَةَ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا بِالْجِنَايَةِ دُونَ الْمَوْتِ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ سَقَطَ بِمَوْتِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حُرًّا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا ضَمَّنْت الْجَانِيَ دِيَةَ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ مَمْنُوعًا بِكُلِّ حَالٍ مِنْ أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ فَضَمَّنْته

<<  <  ج: ص:  >  >>