للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصْرِيفَهَا مَالِكًا لَهَا أَوْ مُوَكَّلًا فِيهَا أَوْ مُتَعَدِّيًا فِي ضَمَانِ مَا أَصَابَتْ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيهَا ضَمِنَ مَا أَصَابَهَا هِيَ وَأَصَابَتْ.

وَهَكَذَا إنْ صَدَمَتْ وَلَمْ تُصْدَمْ أَوْ صَدَمَتْ وَصُدِمَتْ فَأَصَابَتْ وَأُصِيبَتْ فَسَوَاءٌ مِنْ ضِمْنِ رَاكِبِهَا بِكُلِّ حَالٍ ضَمِنَهَا وَإِنْ غُلِبَ أَوْ غُلِبَا وَمَنْ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَنْ قَدَرَ عَلَى تَصْرِيفِهَا فَتَرَكَهَا ضَمِنَ الَّذِي لَمْ يُغْلَبْ عَلَى تَصْرِيفِهَا وَجَعَلَهُ كَعَامِدِ الصَّدْمِ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَغْلُوبُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صُدِمَتْ سَفِينَةٌ بِغَيْرِ أَنْ يَعْمِدَ بِهَا الصَّدْمَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِمَّا فِي سَفِينَتِهِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ فِيهَا دَخَلُوا غَيْرَ مُتَعَدَّى عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَإِذَا عَرَضَ لِرَاكِبِي السَّفِينَةِ مَا يَخَافُونَ بِهِ التَّلَفَ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ فِيهَا وَمَا فِيهَا أَوْ بَعْضُ ذَلِكَ فَأَلْقَى أَحَدُهُمْ بَعْضَ مَا فِيهَا رَجَاءَ أَنْ تَخِفَّ فَتَسْلَمَ فَإِنْ كَانَ مَا أَلْقَى لِنَفْسِهِ فَمَالَهُ أَتْلَفَ فَلَا يَعُودُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَا أَلْقَى لِغَيْرِهِ ضَمِنَ مَا أَلْقَى لِغَيْرِهِ دُونَ أَهْلِ السَّفِينَةِ فَإِنْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ السَّفِينَةِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: أَلْقِ مَتَاعَكَ فَأَلْقَاهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ أَلْقَاهُ وَإِنْ قَالَ أَلْقِهِ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ فَأَذِنَ لَهُ فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ.

وَإِنْ قَالَ: أَلْقِهِ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ فَأَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ لَهُ دُونَ رُكَّابِ السَّفِينَةِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُوا بِضَمَانِهِ مَعَهُ فَإِنْ خَرَقَ رَجُلٌ مِنْ السَّفِينَةِ شَيْئًا أَوْ ضَرَبَهُ فَانْخَرَقَ أَوْ انْشَقَّ فَغَرَقَ أَهْلُ السَّفِينَةِ وَمَا فِيهَا ضَمِنَ مَا فِيهَا فِي مَالِهِ وَضَمِنَ دِيَاتِ رُكْبَانِهَا عَاقِلَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ هَذَا بِهَا مَالِكًا لِلسَّفِينَةِ أَوْ الْقَائِمَ بِأَمْرِهَا أَوْ رَاكِبًا لَهَا أَوْ أَجْنَبِيًّا مَرَّ بِهَا. .

جِنَايَةُ السُّلْطَانِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَامَ السُّلْطَانُ حَدًّا مِنْ قَطْعٍ أَوْ حَدَّ قَذْفٍ أَوْ حَدَّ زِنًا لَيْسَ بِرَجْمٍ عَلَى رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَقُّ قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا لَزِمَهُ وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فِي جُرْحٍ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ مِثْلِهِ وَإِذَا ضَرَبَ فِي خَمْرٍ أَوْ سُكْرٍ مِنْ شَرَابٍ بِنَعْلَيْنِ أَوْ طَرَفِ ثَوْبٍ أَوْ يَدٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ ضَرْبًا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ أَرْبَعِينَ أَوْ يَبْلُغُهَا وَلَا يُجَاوِزُهَا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحَقُّ قَتَلَهُ وَمَا قُلْت الْحَقَّ قَتَلَهُ فَلَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا قَوَدَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْ الْمَضْرُوبِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِمَا وَصَفْت أَرْبَعِينَ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَأَلَ مَنْ حَضَرَ ضَرْبَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا لَهُ فَكَانَ فِيمَا ذَكَرُوا عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ أَوْ نَحْوَهَا فَإِنْ ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِسَوْطٍ أَوْ ضَرَبَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ بِالنِّعَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ.

أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنْ الْحَسَنِ أَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَا أَحَدٌ يَمُوتُ فِي حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا إلَّا الَّذِي يَمُوتُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ شَيْءٌ أَحْدَثْنَاهُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ مَاتَ مِنْهُ فَدِيَتُهُ إمَّا قَالَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِمَّا عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ الشَّكُّ مِنْ الشَّافِعِيُّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إلَى امْرَأَةٍ فَفَزِعَتْ فَأَجْهَضَتْ ذَا بَطْنِهَا فَاسْتَشَارَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِدِيَةٍ وَأَمَرَ عُمَرُ عَلِيًّا فَقَالَ عَزَمْت عَلَيْكَ لِتُقَسِّمَنَّهَا فِي قَوْمِكَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَقَعَ عَلَى الرَّجُلِ حَدٌّ فَضَرَبَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ أَوْ حَرٍّ شَدِيدٍ كَرِهْت ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ وَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ كَانَتْ الْمَحْدُودَةُ امْرَأَةً كَانَتْ هَكَذَا إلَّا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدُّهَا لِمَا فِي بَطْنِهَا فَإِنْ حَدَّهَا فَأَجْهَضَتْ ضَمِنَ مَا فِي بَطْنِهَا وَإِنْ مَاتَتْ فَأَجْهَضَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَضَمِنَ مَا فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا قُلْت لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُدَّهَا لِلَّذِي فِي بَطْنِهَا فَضَمَّنْته الْجَنِينَ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ وَلَمْ أُضَمِّنْهُ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتَلَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا حَدَّ الْإِمَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>