للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقُولُ. وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ إبِلُهُ عَوَادِيَ أَوْ أَوْرَاكَ أَوْ خَمِيصَةً، وَإِذَا كَانَ بِبَلَدٍ وَلَا إبِلَ لَهُ كُلِّفَ إبِلَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ إبِلٌ كُلِّفَ إبِلَ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ بِهِ مِمَّا يَلِيهِ وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْإِبِلَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى عَلَيْهِ بِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً بِحَالٍ كَلِفَهَا كَمَا يُكَلَّفُ مَا سِوَاهَا مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُهُ إذَا وُجِدَتْ وَإِذَا سَأَلَ الَّذِي لَهُ الدِّيَةُ غَيْرَ الْإِبِلِ أَوْ سَأَلَهَا الَّذِي عَلَيْهِ الدِّيَةُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُجْبَرَانِ عَلَى الْإِبِلِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا بِغَيْرِ الْإِبِلِ فَيَجُوزُ لَهُمَا صَرْفُهَا إلَى مَا تَرَاضَيَا بِهِ كَمَا يَجُوزُ صَرْفُ الْحُقُوقِ إلَى مَا يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي وَإِبِلُ عَاقِلَتِهِ هِيَ مُبَايِنَةٌ لِإِبِلِ غَيْرِهِمْ فَإِنْ أَتَتْ عَلَيْهَا السَّنَةُ فَتَبْقَى عِجَافًا أَوْ مَرْضَى أَوْ جُرْبًا فَإِذَا كَانَ هَكَذَا قِيلَ لِلْجَانِي إنْ أَدَّيْتَ إلَيْهِ إبِلًا صِحَاحًا شَرْوَى إبِلِكَ أَوْ خَيْرًا مِنْهَا جُبِرَ عَلَى قَبُولِهَا مِنْكَ وَأَنْتَ مُتَطَوِّعٌ بِالْفَضْلِ عَنْ إبِلِكَ وَإِبِلِ عَاقِلَتِكَ وَإِنْ أَرَدْت أَنْ تُؤَدِّيَ شَرًّا مِنْ إبِلِكَ وَإِبِلِ عَاقِلَتِكَ لَمْ يَكُنْ لَك وَلَا لَهُمْ أَنْ تُؤَدُّوا إلَّا شَرْوَاهَا مَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قِيلَ أَدِّ قِيَمَ صِحَاحٍ غَيْرِ مَعِيبَةٍ مِثْلَ إبِلِكَ وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ حَكَمْنَا بِهَا عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الْجَانِي إنْ كَانَ دَرَاهِمَ فَدَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَ دَنَانِيرَ فَدَنَانِيرَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقِيمَةِ نَجْمٍ مِنْهَا إلَّا بَعْدَمَا يَحِلُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِذَا قَوَّمْنَاهُ أَخَذْنَاهُ بِهِ مَكَانَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ بِهِ أَوْ مَطَلَ حَتَّى يَجِدَ إبِلًا دَفَعَ الْإِبِلَ وَأُبْطِلَتْ الْقِيمَةُ فَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ آخَرُ قُوِّمَتْ الْإِبِلُ قِيمَةَ يَوْمِهَا. .

إعْوَازُ الْإِبِلِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَعَامٌّ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ» ثُمَّ قَوَّمَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَالْعِلْمُ مُحِيطٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عُمَرَ لَا يُقَوِّمُهَا إلَّا قِيمَةَ يَوْمِهَا وَلَعَلَّهُ قَوَّمَ الدِّيَةَ الْحَالَّةَ كُلَّهَا فِي الْعَمْدِ، وَإِذَا قَوَّمَهَا عُمَرُ قِيمَةَ يَوْمِهَا فَاتِّبَاعُهُ أَنْ تُقَوَّمَ كُلَّمَا وَجَبَتْ عَلَى إنْسَانٍ قِيمَةَ يَوْمِهَا كَمَا لَوْ قُوِّمَتْ إبِلُ رَجُلٍ أَتْلَفَهَا رَجُلٌ شَيْئًا ثُمَّ أَتْلَفَ آخَرُ بَعْدَهَا مِثْلَهَا قُوِّمَتْ بِسُوقِ يَوْمِهَا وَلَوْ قُوِّمَتْ سَرِقَةً لِيَقْطَعَ صَاحِبُهَا شَيْئًا ثُمَّ سَرَقَ بَعْدَهَا آخَرُ مِثْلَهَا قُوِّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ يَوْمِهَا وَلَعَلَّ عُمَرَ أَنْ لَا يَكُونَ قَوَّمَهَا إلَّا فِي حِينٍ وَبَلَدٍ هَكَذَا قِيمَتُهَا فِيهِ حِينَ أَعْوَزَتْ وَلَا يَكُونُ قَوَّمَهَا إلَّا بِرِضًا مِنْ الْجَانِي وَوَلِيِّ الْجِنَايَةِ كَمَا يُقَوِّمُ مَا أَعْوَزَ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ غَيْرَهَا وَمَا تَرَاضَى بِهِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ. قَالُوا: أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوَّمَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْ الْأَعْرَابِ فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ لَا يُكَلَّفُ الْأَعْرَابِيُّ الذَّهَبَ وَلَا الْوَرِقَ.

(قَالَ): وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُقَوِّمْ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ يَجِدُ الْإِبِلَ وَلَمْ يُقَوِّمْهَا إلَّا عِنْدَ الْإِعْوَازِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْأَعْرَابِيَّ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا لِوُجُودِ الْإِبِلِ وَأَخَذَ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مِنْ الْقَرَوِيِّ لِإِعْوَازِ الْإِبِلِ فِيمَا أَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْتَلِفُ فِي الدِّيَةِ. أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَوِّمُ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَعَدْلَهَا مِنْ الْوَرِقِ وَيَقْسِمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى وَالثَّمَنُ مَا كَانَ». أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ قَضَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَهْلِ الْقُرَى حِينَ كَثُرَ الْمَالُ وَغَلَتْ الْإِبِلُ فَأَقَامَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ بِسِتِّمِائَةِ دِينَارٍ إلَى ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>