للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَنْفِ فِي مَعَانٍ مِنْهَا أَنَّهُ الْمُعَبِّرُ عَمَّا فِي الْقَلْبِ وَأَنَّ أَكْثَرَ مَنْفَعَتِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ بِمَعُونَتِهِ عَلَى إمْرَارِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِذَا جُنِيَ عَلَى اللِّسَانِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِ قَطْعٍ فَفِيهِ الدِّيَةُ تَامَّةً وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ لَقِيَتْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا خِلَافًا.

وَإِذَا قُطِعَ مِنْ اللِّسَانِ شَيْءٌ لَا يُذْهِبُ الْكَلَامَ قِيسَ ثُمَّ كَانَ فِيمَا قُطِعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ مِنْ اللِّسَانِ فَإِنْ قُطِعَ حَذِيَّةٌ مِنْ اللِّسَانِ تَكُونُ رُبُعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ قَدْرَ رُبُعِ الْكَلَامِ فَفِيهِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَإِنْ ذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ رُبُعِ الْكَلَامِ فَفِيهِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَإِنْ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَجْعَلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيَاسِ مَا أُذْهِبَ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ لِسَانِهِ وَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُ كَلَامِ الرَّجُلِ اُعْتُبِرَ عَلَيْهِ بِأُصُولِ الْحُرُوفِ مِنْ التَّهَجِّي فَإِنْ نَطَقَ بِنِصْفِ التَّهَجِّي وَلَمْ يَنْطِقْ بِنِصْفِهِ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ مَا نَطَقَ بِهِ مِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ عَلَى النِّصْفِ فَفِيهِ بِحِسَابِهِ، وَسَوَاءٌ كُلُّ حَرْفٍ أَذْهَبَهُ مِنْهُ خَفَّ عَلَى اللِّسَانِ وَقَلَّ هِجَاؤُهُ أَوْ ثَقُلَ عَلَى اللِّسَانِ وَكَثُرَ هِجَاؤُهُ كَالشِّينِ وَالصَّادِ وَالْأَلِفِ وَالتَّاءِ وَالرَّاءِ سَوَاءٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ الْعَدَدِ وَلَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي ثِقَلٍ وَخِفَّةٍ وَأَيُّ حَرْفٍ مِنْهَا لَمْ يُفْصِحْ بِهِ حِينَ يَنْطِقُ بِهِ كَمَا يَنْطِقُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُجْنَى عَلَيْهِ وَإِنْ خَفَّ لِسَانُهُ لَأَنْ يَنْطِقَ بِغَيْرِهِ يُرِيدُهُ فَهُوَ كَمَا لَمْ يَخِفَّ لِسَانُهُ بِأَنْ يَنْطِقَ بِهِ لَهُ أَرْشُهُ مِنْ الْعَقْلِ تَامًّا مِثْلَ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَنْطِقَ بِالرَّاءِ فَيَجْعَلَهَا بَاءً أَوْ لَامًا وَمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى.

(قَالَ): وَإِنْ نَطَقَ بِالْحَرْفِ مُبِينًا لَهُ غَيْرَ أَنَّ لِسَانَهُ ثَقُلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ يُجْنَى عَلَيْهِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ جَنَى عَلَى رَجُلٍ كَانَ أَرَتَّ أَوْ لَا يُفْصِحُ بِحَرْفٍ أَوْ كَانَ لِسَانُهُ يَخِفُّ بِهِ فَزَادَ فِي خِفَّتِهِ وَنَقَصَ عَنْ إفْصَاحِهِ بِهِ أَوْ زَادَ فِي رَتَّتِهِ أَوْ لَثَغِهِ عَلَى مَا كَانَ فِي الْحَرْفِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا أَرْشُ الْحَرْفِ تَامًّا، وَإِذَا جَنَى عَلَى لِسَانِ الْمُبَرْسَمِ الثَّقِيلِ وَهُوَ يُفْصِحُ بِالْكَلَامِ فَفِيهِ مَا فِي لِسَانِ الْفَصِيحِ الْخَفِيفِ، وَكَذَلِكَ إذَا جُنِيَ عَلَى لِسَانِ الْأَعْجَمِيِّ وَهُوَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا جُنِيَ عَلَى لِسَانِ الصَّبِيِّ وَقَدْ حَرَّكَهُ بِبُكَاءٍ أَوْ بِشَيْءٍ يُعَبِّرُهُ اللِّسَانُ فَبَلَغَ أَنْ لَا يَنْطِقَ فَفِيهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ الْأَلْسِنَةَ نَاطِقَةٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تَنْطِقُ وَإِنْ بَلَغَ أَنْ يَنْطِقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ وَلَا يَنْطِقَ بِبَعْضِهَا كَانَ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا لَا يَنْطِقُ بِهِ وَإِذَا جَنَى عَلَى لِسَانِ رَجُلٍ كَانَ يَنْطِقُ بِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَرَضٌ فَذَهَبَ مَنْطِقُهُ أَوْ عَلَى لِسَانِ الْأَخْرَسِ فَفِيهِمَا حُكُومَةٌ وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ فَقَالَ جَنَيْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَبْكَمُ أَوْ يُفْصِحُ بِبَعْضِ الْكَلَامِ وَلَا يُفْصِحُ بِبَعْضٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْطِقُ فَإِذَا جَاءَ بِذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْجَانِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَمَنْ كَانَ لَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ فَهُوَ يَنْطِقُ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَ ذَلِكَ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ جَنَيْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَعْمَى فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْجَانِي أَنَّهُ حَدَثَ عَلَى بَصَرِهِ ذَهَابٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ عُرِفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِبُكْمٍ أَوْ عَمًى ثُمَّ ادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّ بَصَرَهُ صَحَّ وَأَنَّ لِسَانَهُ فَصَحَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَانِي وَكُلِّفُوا هُمْ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ بَصَرُهُ وَأَفْصَحَ بَعْدَ الْبَكَمِ فَإِنْ خُلِقَ لِلِسَانٍ طَرَفَانِ فَقَطَعَ رَجُلٌ أَحَدَ طَرَفَيْهِ فَإِنْ أَذْهَبَ الْكَلَامَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ فَفِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ، وَإِنْ أَذْهَبَ الْكَلَامَ أَوْ بَعْضَهُ فَأُخِذَتْ لَهُ الدِّيَةُ ثُمَّ نَطَقَ بَعْدَهَا رَدَّ مَا أُخِذَ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ نَطَقَ بِبَعْضِ الْكَلَامِ الَّذِي ذَهَبَ وَلَمْ يَنْطِقْ بِبَعْضٍ رَدَّ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الْكَلَامِ.

(قَالَ): وَإِنْ قُطِعَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الطَّرَفَانِ مُسْتَوِيِي الْمَخْرَجِ مِنْ حَيْثُ افْتَرَقَا كَانَ فِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقِيَاسِ اللِّسَانِ رُبْعًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ زَائِلًا عَنْ حَدِّ مَخْرَجِ اللِّسَانِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْحُكُومَةُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِهِ مِنْ قِيَاسِ اللِّسَانِ لَمْ يَبْلُغْ بِحُكُومَتِهِ قَدْرَ قِيَاسِ اللِّسَانِ، وَإِنْ قَطَعَ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَذَهَبَ الْكَلَامُ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ مِنْ اللِّسَانِ جَعَلَ فِيهِ دِيَةً وَحُكُومَةً بِقَدْرِ الْأَلَمِ وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ مِنْ بَاطِنِ اللِّسَانِ شَيْئًا فَهُوَ كَمَا قَطَعَ مِنْ ظَاهِرِهِ وَفِيهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>