للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْصَى غَايَةِ الِاسْتِهْلَاكِ وَدَرَءُوا الْحُدُودَ هَا هُنَا لِعِلَّةِ الِاسْتِهْلَاكِ مَعَ خِلَافِ السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ وَكَيْفَ يَقْطَعُونَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لَوْ قَطَعَ مِنْ أَرْبَعِ أُنَاسٍ يَدَيْنِ وَرَجُلَيْنِ؟ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ إذَا قَطَعَ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ عُضْوًا مِنْهُ بَقِيَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَإِذَا أَتَيْت عَلَى أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا أَقْطَعُهُ إلَّا الْوَاحِدَ أَوْ اثْنَيْنِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} قَالَ فَأَتَأَوَّلُ مَا كَانَتْ حَالُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ مِثْلَ حَالِ الْمُقْتَصِّ لَهُ وَأَقُولُ: أَنْتَ لَا تَقُصُّ مِنْ جُرْحٍ وَاحِدٍ إذَا أَشْبَهَ الِاسْتِهْلَاكَ وَتَجْعَلُهُ دِيَةً وَالْإِتْيَانُ عَلَى قَوَائِمِهِ عَيْنُ الِاسْتِهْلَاكِ مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ لِلْقِصَاصِ مَوْضِعًا فَكَذَلِكَ لِلْقَطْعِ مَوْضِعٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .

بَابُ السِّنِّ الَّتِي إذَا بَلَغَهَا الْغُلَامُ قُطِعَتْ يَدُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ قَالَ عُرِضْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَرَدَّنِي وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي» قَالَ نَافِعٌ فَحَدَّثْت بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَكَتَبَ لِعُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُقَاتِلَةِ وَلِابْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا قُلْنَا: تُقَامُ الْحُدُودُ عَلَى مَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَبَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْقِتَالُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي هَذَا مُخَالِفًا وَقَدْ أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِتَالِ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَقَالَ قَائِلٌ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ عَلَى الْغُلَامِ إذَا لَمْ يَحْتَلِمْ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَلَا عَلَى الْجَارِيَةِ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ سَبْعَ عَشْرَةَ فَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بِهَذِهِ السِّنِينَ وَلَا إلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبَ؟ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَا أُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهَا السِّنُّ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا حُجَّتُهُ عَلَيْهِ؟ أَرَأَيْت إذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ وَهِيَ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ وَالْغُلَامُ إذَا بَلَغَ الْحُلُمَ فَذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتُ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا مَا الْحُجَّةُ فِيمَا قَالَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؟ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي هَذَا وَقَالُوا قَوْلَنَا فِيهِ فَقَالُوا: يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ. .

فِي الثَّمَرِ الرَّطْبِ يُسْرَقُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَقُولُ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ وَلَا غَيْرِ مُحْرَزٍ وَلَا فِي جُمَّارٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ وَهُوَ يُشْبِهُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>