للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُؤَخَّرُ حَدُّهُمَا حَتَّى تَضَعَ الْحُبْلَى وَيَبْرَأَ الْمَرِيضُ وَلَيْسَ كالمضنوء مِنْ خِلْقَتِهِ فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ. فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ الْحَدَّ إلَّا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ مضنوءا مِنْ خِلْقَتِهِ قُلْت أَتَرَى الْحَدَّ أَكْثَرَ أَمْ الصَّلَاةَ؟ قَالَ كُلُّ فَرْضٍ قُلْنَا: قَدْ يُؤْمَرُ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ بِالْجُلُوسِ، وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ بِالْإِيمَاءِ وَقَدْ يُزِيلُ الْحَدَّ عَمَّنْ لَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا (قَالَ الرَّبِيعُ) يُرِيدُ كَأَنَّ سَارِقًا سَرَقَ وَلَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ فَلَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ إلَى أَخْذِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَطْعِ سَبِيلًا قَالَ هَذَا اتِّبَاعٌ وَمَوَاضِعُ ضَرُورَاتٍ. قُلْنَا وَجَلْدُ المضنوء بأثكال النَّخْلِ اتِّبَاعٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ وَمَوْضِعُ ضَرُورَةٍ. .

الشَّهَادَةُ فِي الزِّنَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْقَذَفَةِ {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا يَجُوزُ فِي الزِّنَا الشُّهُودُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ بِحُكْمِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا لَمْ يَكْمُلُوا أَرْبَعَةً فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَكَذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَجَلَدَهُمْ جَلْدَ الْقَذَفَة وَلَمْ أَعْلَمْ بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيَتْهُ بِبَلَدِنَا اخْتِلَافًا فِيمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكْمُلُوا أَرْبَعَةً حُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَيْسَ هَكَذَا شَيْءٌ مِنْ الشَّهَادَاتِ غَيْرَ شُهُودِ الزِّنَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَفِي هَذَا مَا يُبَيِّنُ أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَأَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ دُونَ الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ وَلَا يُعَاقِبَ بِمَا رَأَى (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا بِالشَّامِ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَوْ قَتَلَهَا فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِأَنْ يَسْأَلَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَأَلَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ " إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا هُوَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ عَزَمْت عَلَيْكَ لَتُخْبِرنِي " فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَا أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ " (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ مُخَالِفًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إنْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي دَارِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ فَقَالَ وَجَدْته فِي دَارِي يُرِيدُ السَّرِقَةَ فَقَتَلْته نَظَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ يُعْرَفُ بِالسَّرِقَةِ دَرَأْنَا عَنْ الْقَاتِلِ الْقَتْلَ وَضَمَّنَّاهُ الدِّيَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالسَّرِقَةِ أَقَدْنَا وَلِيَّ الْقَتِيلِ مِنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْذَنْ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي رَجُلٍ لَوْ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ " إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ " فَكَيْفَ خَالَفْت سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَثَرَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؟ قَالَ: رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَهْدَرَهُ فَقُلْت لَهُ قَدْ رَوَى عُمَرُ أَنَّهُ أَهْدَرَهُ فَقَالَ هَذَا قَتِيلُ اللَّهِ وَاَللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ عُمَرَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عِنْدَهُ عَلَى الْمَقْتُولِ أَوْ عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِمَا وَجَبَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ الْمَقْتُولُ قَالَ هَلْ رَوَيْتُمْ هَذَا فِي الْخَبَرِ؟ قُلْنَا قَالَ فَالْخَبَرُ عَلَى ظَاهِرِهِ قُلْنَا فَأَنْتَ تُخَالِفُ ظَاهِرَهُ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْنَا عُمَرُ لَمْ يَسْأَلْ أَيُعْرَفُ الْمَقْتُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>