للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَدَّعِ، الْإِجْمَاعَ فِيمَا سِوَى جُمَلِ الْفَرَائِضِ الَّتِي كُلِّفَتْهَا الْعَامَّةُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا الْقَرْنِ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَلَا الْقَرْنِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلَا عَالِمٍ عَلِمْته عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَا أَحَدٍ نَسَبَتْهُ الْعَامَّةُ إلَى عِلْمٍ إلَّا حَدِيثًا مِنْ الزَّمَانِ فَإِنَّ قَائِلًا قَالَ فِيهِ بِمَعْنًى لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَرَفَهُ وَقَدْ حَفِظْت عَنْ عَدَدٍ مِنْهُمْ إبْطَالَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَتَى كَانَتْ عَامَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دَهْرٍ بِالْبُلْدَانِ عَلَى شَيْءٍ، أَوْ عَامَّةٌ قَبْلَهُمْ قِيلَ يُحْفَظُ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا وَنَأْخُذُ بِهِ وَلَا نَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَنْ قَالَهُ مِنْ النَّاسِ إلَّا مَنْ سَمِعْنَاهُ مِنْهُ، أَوْ عَنْهُ قَالَ وَمَا وَصَفْت مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ نَصًّا وَاسْتِدْلَالًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ):: وَالْعِلْمُ مِنْ وَجْهَيْنِ اتِّبَاعٌ، أَوْ اسْتِنْبَاطٌ وَالِاتِّبَاعُ اتِّبَاعُ كِتَابٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسُنَّةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَقَوْلِ عَامَّةٍ مِنْ سَلَفِنَا لَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٍ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٍ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٍ عَلَى قَوْلِ عَامَّةٍ مِنْ سَلَفٍ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ إلَّا بِالْقِيَاسِ وَإِذَا قَاسَ مَنْ لَهُ الْقِيَاسُ فَاخْتَلَفُوا وَسِعَ كُلًّا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِخِلَافِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الْمُطَّلِبِيُّ قَالَ: ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} وَقَالَ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} فَأَوْجَبَ اللَّهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ، أَوْجَبَ إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَمَرَ بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أُذِنَّ بِهَا لِتُصَلَّى لِوَقْتِهَا وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَافِرًا وَمُقِيمًا خَائِفًا وَغَيْرَ خَائِفٍ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الْآيَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَتَى الصَّلَاةَ أَنْ يَأْتِيَهَا وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَخَّصَ فِي تَرْكِ إتْيَانِ الْجَمَاعَةِ فِي الْعُذْرِ بِمَا سَأَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعِهِ، وَأَشْبَهُ مَا وُصِفَتْ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَا يَخْلُوَا جَمَاعَةٌ مُقِيمُونَ وَلَا مُسَافِرُونَ مِنْ أَنْ يُصَلَّى فِيهِمْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ» أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لَا يَسْتَطِيعُونَهُمَا» أَوْ نَحْوُ هَذَا.

(قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>