للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ عَمْدٌ فَأَرْشُهَا كُلُّهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ يُؤْخَذُ دَيْنًا مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ فَأَرَادَ أَهْلُ الْجِرَاحِ عَفْوَ الْجِرَاحِ فَذَلِكَ لَهُمْ. وَإِنْ أَرَادَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ عَفْوَ دِمَاءِ مَنْ قَتَلُوا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يَحْقِنُ دِمَاءَ مَنْ عَفَوْا عَنْهُ وَكَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إذَا بَلَغَتْ جِنَايَتُهُمْ الْقَتْلَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَحْفَظُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَنَا أَنَّهُ قَالَ: يُقْتَلُونَ وَإِنْ قَتَلُوا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا عَلَى مَالٍ يَأْخُذُونَهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَتْلِ عَلَى غَيْرِ الْغِيلَةِ (قَالَ): وَلِقَوْلِهِ هَذَا وَجْهٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْقَتْلَ وَالصَّلْبَ فِيمَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إذَا نِيلَ هَذَا مِنْ عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مِنْ الْمُحَارَبَةِ أَوْ الْفَسَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا إذَا فَعَلُوا مَا فِي مِثْلِهِ الْقِصَاصُ. وَإِنْ كُنْت أَرَاهُ قَدْ خَالَفَ سَبِيلَ الْقِصَاصِ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ الْقَاتِلِ فِيهِ لَا يُحْقَنُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَلَا يُصْلِحُهُ. لَوْ صَالَحَ فِيهِ كَانَ الصُّلْحُ مَرْدُودًا وَفِعْلُ الْمُصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يَلْزَمُ فَيُتْبَعُ وَلَا إجْمَاعٌ أَتَّبِعُهُ وَلَا قِيَاسٌ بِتَفَرُّقٍ فَيَصِحُّ وَإِنَّمَا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ. .

الشَّهَادَاتُ وَالْإِقْرَارُ فِي السَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يُقَامُ عَلَى سَارِقٍ وَلَا مُحَارِبٍ حَدٌّ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا شَاهِدَانِ عَدْلَانِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ بِمَا فِي مِثْلِهِ الْحَدُّ، وَإِمَّا بِاعْتِرَافٍ يَثْبُتُ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ الشَّاهِدَيْنِ فِي السَّرِقَةِ حَتَّى يَقُولَا سَرَقَ فُلَانٌ " وَيُثْبِتَاهُ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتَاهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ " مَتَاعًا لِهَذَا يَسْوَى رُبُعَ دِينَارٍ وَحَضَرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَدَّعِي مَا قَالَ الشَّاهِدَانِ فَإِنْ كَذَّبَ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ حَبَسَ السَّارِقَ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَدَّعِيَ أَوْ يُكَذِّبَ الشَّاهِدَيْنِ. وَإِذَا ادَّعَى مَرَّةً كَفَاهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ بَعْدَهَا. فَإِذَا لَمْ يَعْرِفَا الْقِيمَةَ شَهِدَا عَلَى الْمَتَاعِ بِعَيْنِهِ أَوْ صِفَةٍ يُثْبِتَانِهَا أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَيَقُولَانِ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ وَيَصِفَانِ الْحِرْزَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا غَيْرُ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُمَا حِرْزًا. وَلَيْسَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِحِرْزٍ فَإِذَا اجْتَمَعَ هَذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ الشَّاهِدَانِ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ بِأَعْيَانِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوا أَسْمَاءَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ أَنَّهُمْ عَرَضُوا بِالسِّلَاحِ لِهَؤُلَاءِ أَوْ لِهَذَا بِعَيْنِهِ وَأَخَافُوهُ بِالسِّلَاحِ وَنَالُوهُ بِهِ ثُمَّ فَعَلُوا مَا فِيهِ حَدٌّ. فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى أَخْذِ الْمَتَاعِ شَهِدُوا كَمَا يَشْهَدُ شُهُودُ السَّارِقِ عَلَى مَتَاعٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِصِفَتِهِ كَمَا وَصَفْت فِي شَهَادَةِ السَّارِقِ، وَيَحْضُرُ أَهْلُ الْمَتَاعِ وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِهِ أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَضُوا لَنَا فَنَالُونَا وَأَخَذُوا مِنَّا أَوْ مِنْ بَعْضِنَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ وَيَسَعُهُمَا أَنْ يَشْهَدَا أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَضُوا لِهَؤُلَاءِ فَفَعَلُوا وَفَعَلُوا وَنَحْنُ نَنْظُرُ وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ عِنْدِي أَنْ يَقِفَهُمْ فَيَسْأَلَهُمْ هَلْ كُنْتُمْ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ هَكَذَا، فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَضُوا فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ لَا يَثْبُتُ أَيُّهُمْ فَعَلَ مِنْ أَيِّهِمْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُحَدُّوا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْفِعْلُ عَلَى فَاعِلٍ بِعَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ السَّرِقَةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يَجُوزُ فِي الْحُدُودِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا يُقْبَلُ فِي السَّرِقَةِ وَلَا قَطْعِ الطَّرِيقِ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، وَكَذَلِكَ حَتَّى يُبَيِّنُوا الْجَارِحَ وَالْقَاتِلَ وَآخِذَ الْمَتَاعِ بِأَعْيَانِهِمْ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَاهِدَانِ فَجَاءَ رَبُّ السَّرِقَةِ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَأَخَذَ سَرِقَتَهُ بِعَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ سُرِقَتْ إنْ فَاتَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ يَسْتَحِقُّهُ وَلَمْ يُقْطَعْ السَّارِقُ، وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَخَذَ سَرِقَتَهُ بِعَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ سَرَقَهَا فَإِنَّ هَذَا مَالٌ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهِ وَلَا يَخْتَلِفُ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ طَلَبَ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ بِكُلِّ مَالٍ أَخَذُوهُ وَإِنْ طَلَبَ جُرْحًا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَجَاءَ بِشَاهِدٍ لَمْ يُقْسَمْ فِي الْجِرَاحِ وَأُحْلِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>