للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجٌ فَغَفَلَ عَنْهُ أَوْ حُبِسَ فَلَمْ يُقْتَلْ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ هَرَبَ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الزَّوْجَةِ قَبْلَ يَتُوبُ وَيَرْجِعُ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ يَتُوبُ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَبَيْنُونَتُهَا مِنْهُ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَمَتَى ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فِي حَالٍ يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ صَادِقَةً بِحَالٍ فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ قَدْ أَسْقَطْت وَلَدًا قَدْ بَانَ خَلْقُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَرَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَجَحَدَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا قَالَ الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَسْقَطْت سِقْطًا بَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا إلَّا بِأَنْ تَأْتِيَ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ عَلَى مَا قَالَتْ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعٌ يُمْكِنُ أَنْ تَرَاهُ النِّسَاءُ فَيَشْهَدْنَ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِأَنْ حِضْت ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا وَإِذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَ مُدَّةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ مَاتَتْ وَلَمْ تَدَّعِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهَا مَاتَتْ وَهُوَ مُشْرِكٌ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُتْرَكُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْإِسْلَامِ يُصِيبُهَا حَتَّى يُسْلِمَ. وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَذْكُرْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَرِثَهَا وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ كَانَ الْقَوْلُ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَبِينُ مِنْهُ وَتَثْبُتُ مَعَهُ كَالْقَوْلِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ وَهِيَ الْمُؤْمِنَةُ لَا يَخْتَلِفُ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّهَا إذَا ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِيمَانِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مَالِهِ فِي عِدَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي حَرَّمَتْ فَرْجَهَا عَلَيْهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّتْ إلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ لَمْ تَحْلُلْ لَهُ لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ عَلَيْهَا وَإِنْ ارْتَدَّ هُوَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ إلَّا بِمُضِيِّ عِدَّتِهَا وَأَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ كَانَتْ امْرَأَتَهُ وَإِذَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الَّتِي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ طَلَاقٍ نَفَقَتَهَا لِأَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَاجَعَهَا كَانَتْ هَكَذَا فِي مِثْلِ حَالِهَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْمَرْأَةِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَالْبَيْنُونَةُ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا. وَلَوْ ارْتَدَّ وَامْرَأَتُهُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ كَانَتْ فِيمَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ لَهَا كَالْمُسْلِمَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا غَيْرَ أَنَّهَا الْمُرْتَدَّةُ وَهُوَ الْمُسْلِمُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تُسْلِمَ أَوْ تَرْجِعَ إلَى دِينِهَا الَّذِي حَلَّتْ بِهِ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ وَلَمْ تَبِنْ مِنْهُ إلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَمْ تُقْتَلْ هِيَ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَوْ الْعَبْدُ وَالْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ أَوْ الْأَمَةُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.

وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ فَطَلَّقَهَا فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا فِي عِدَّتِهَا أَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَفَ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْهُ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَيْهَا وَكَانَ بَيْنَهُمَا اللِّعَانُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّتُهَا أَوْ تَمُوتَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَالْتَعَنَ لِيَدْرَأَ الْحَدَّ، وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ وَهُوَ الْمُسْلِمُ إلَّا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مُرْتَدَّةً.

وَلَوْ طَلَّقَهَا مُسْلِمَةً ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إحْدَاثُ تَحْلِيلٍ لَهُ فَإِذَا أَحْدَثَهُ فِي حَالٍ لَا يَحِلُّ لَهُ فِيهِ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الرَّجْعَةِ لَمْ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا وَيُحْدِثُ لَهَا بَعْدَهُ رَجْعَةً إنْ شَاءَ فَتَثْبُتُ عَلَيْهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقَالَ رَجَعْت إلَى الْإِسْلَامِ أَمْسِ وَإِنَّمَا انْقَضَتْ عِدَّتُك الْيَوْمَ وَقَالَتْ رَجَعْت الْيَوْمَ فَالْقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>