للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَحَدٍ (قَالَ): وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ وَلَا بِإِقْرَارٍ مِنْهُ مُتَقَدِّمٌ لِلرِّدَّةِ وَلَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِإِقْرَارٍ مِنْهُ فِي الرِّدَّةِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَمَا دَانَ فِي الرِّدَّةِ قَبْلَ وَقْفِ مَالِهِ لَزِمَهُ وَمَا دَانَ بَعْدَ وَقْفِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ رُدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ سَلَفٍ وُقِفَ فَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ بَطَلَ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِرُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلَامِ أَنَّ مَالَهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ يَدْرَأُ عَنْهُ الْقَوَدَ بِالشُّبْهَةِ وَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَهُ أَيْضًا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ فَقَطَعْنَا يَدَهُ قِصَاصًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقِصَاصِ لَمْ يَكُنْ عَلَى آخِذِ الْقِصَاصِ شَيْءٌ وَالْحَقُّ قَتْلُهُ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ إذَا جَرَحَهُ مُرْتَدٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ مِنْهُ كَانَ مُبَاحًا فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ فَالْحَقُّ قَتْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ جَرَحَ.

الدَّيْنُ لِلْمُرْتَدِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ لِلْمُرْتَدِّ دَيْنٌ حَالٌّ أُخِذَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَيُوقَفُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ فَإِذَا حَلَّ وُقِفَ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يُقْتَلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَيَكُونَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ فَإِذَا قُبِضَ كَانَ فَيْئًا

(قَالَ الرَّبِيعُ) فِي رَجُلٍ جُرِحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ فَمَاتَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الضَّرْبَةَ كَانَتْ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِيهَا فَالْحَقُّ الَّذِي قَتَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ.

ذَبِيحَةُ الْمُرْتَدِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْمُرْتَدِّ إلَى أَيِّ دِينٍ مَا ارْتَدَّ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَخَّصَ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ عَلَى أَدْيَانِهِمْ (قَالَ): فَلَوْ عَدَا عَلَى شَاةٍ رَجُلٌ فَذَبَحَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا حَيَّةً، وَهَكَذَا كُلُّ مَا اُسْتُهْلِكَ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا لَهُ وَهُوَ يَعْلَمُهُ مُرْتَدًّا أَوْ لَا يَعْلَمُهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ وَلَا يَأْكُلُهَا صَاحِبُ الشَّاةِ (قَالَ): وَلَوْ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَ مَتَاعًا لِنَفْسِهِ أَوْ قَتَلَ عَبْدًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَكُلُّ مَالٍ وَجَدْنَاهُ لَهُ فَهُوَ فَيْءٌ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ عَلِمْنَا بِرُجُوعِهِ أَنَّهُ إنَّمَا جَنَى عَلَى مَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ مَالَ نَفْسِهِ.

نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَدِّ أَنْ يَنْكِحَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَلَا بَعْدَهُ مُسْلِمَةً لِأَنَّهُ مُشْرِكٌ وَلَا وَثَنِيَّةً لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا كِتَابِيَّةً لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ نَكَحَ فَأَصَابَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْتَدِّ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ وَلَا أَمَتَهُ وَلَا امْرَأَةً هُوَ وَلِيُّهَا مُسْلِمَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَلَا مُسْلِمًا وَلَا مُشْرِكًا وَإِذَا أَنْكَحَ فَإِنْكَاحُهُ بَاطِلٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>