للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْرَؤُهُمْ فَإِنْ كَانُوا فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَسَنُّهُمْ، ثُمَّ عَاوَدْته بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ يَؤُمُّ فَقُلْت يَؤُمُّهُمْ الْعَبْدُ إذَا كَانَ أَفْقَهَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ قَالَ: أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلِابْنِ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَرْضٌ يَعْمَلُهَا وَإِمَامُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَوْلًى لَهُ وَمَسْكَنُ ذَلِكَ الْمَوْلَى وَأَصْحَابِهِ، ثُمَّ فَلَمَّا سَمِعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَاءَ لِيَشْهَدَ مَعَهُمْ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَهُ الْمَوْلَى صَاحِبُ الْمَسْجِدِ تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِك مِنِّي فَصَلَّى الْمَوْلَى صَاحِبُ الْمَسْجِدِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَصَاحِبُ الْمَسْجِدِ كَصَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَأَكْرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ أَحَدٌ إلَّا السُّلْطَانُ وَمَنْ أَمَّ مِنْ الرِّجَالِ مِمَّنْ كَرِهْت إمَامَتَهُ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْ إمَامَتُهُ وَالِاخْتِيَارُ مَا وَصَفْت مِنْ تَقْدِيمِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ وَالسِّنِّ وَالنَّسَبِ وَإِنْ أَمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، أَوْ بَدَوِيٌّ قَرَوِيًّا فَلَا بَأْسَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَهْلُ الْفَضْلِ فِي كُلِّ حَالٍ فِي الْإِمَامَةِ وَمَنْ صَلَّى صَلَاةً مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْمُودِ الْحَالِ فِي دِينِهِ أَيْ غَايَةً بَلَغَ يُخَالِفُ الْحَمْدَ فِي الدِّينِ.

وَقَدْ صَلَّى أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَ مَنْ لَا يَحْمَدُونَ فِعَالَهُ مِنْ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ اعْتَزَلَ بِمِنًى فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِمِنًى فَصَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ قَالَ فَقَالَ: أَمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ إذَا رَجَعَا إلَى مَنَازِلِهِمَا؟ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ مَا كَانَا يَزِيدَانِ عَلَى صَلَاةِ الْأَئِمَّةِ.

صَلَاةُ الرَّجُلِ بِصَلَاةِ الرَّجُلِ لَمْ يَؤُمَّهُ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا افْتَتَحَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ لَا يَنْوِي أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا فَجَاءَتْ جَمَاعَةٌ، أَوْ وَاحِدٌ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ وَهُوَ لَهُمْ إمَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ يَنْوِي أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ هَذَا لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْوِيَ إمَامَةَ رَجُلٍ، أَوْ نَفَرٍ قَلِيلٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا يَنْوِي إمَامَةَ غَيْرِهِمْ وَيَأْتِي قَوْمٌ كَثِيرُونَ فَيُصَلُّونَ مَعَهُمْ، وَلَكِنَّ كُلَّ هَذَا جَائِزٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - التَّوْفِيقَ.

كَرَاهِيَةُ الْإِمَامَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَأْتِي قَوْمٌ فَيُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَتَمُّوا كَانَ لَهُمْ وَلَكُمْ وَإِنْ نَقَصُوا كَانَ عَلَيْهِمْ وَلَكُمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ فَأَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَيُشْبِهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - إنْ أَتَمُّوا فَصَلُّوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَجَاءُوا بِكَمَالِ الصَّلَاةِ فِي إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْخُشُوعِ وَالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِكْمَالِ التَّشَهُّدِ وَالذِّكْرِ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ غَايَةُ التَّمَامِ وَإِنْ أَجْزَأَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَهُمْ وَلَكُمْ وَلَا فَعَلَيْهِمْ تَرْكُ الِاخْتِيَارِ بِعَمْدِ تَرْكِهِ وَلَكُمْ مَا نَوَيْتُمْ مِنْهُ فَتَرَكْتُمُوهُ لِاتِّبَاعِهِ بِمَا أُمِرْتُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يُجْزِئُكُمْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِمْ التَّقْصِيرُ فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>