للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتُهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَتَنَفَّلُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ أَوْجَبُ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ النَّوَافِلِ.

شَهَادَةُ مَنْ يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى الْخَيْرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْقَاسِمَ وَالْكَاتِبَ لِلْقَاضِي وَصَاحِبَ الدِّيوَانِ وَصَاحِبَ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُؤَذِّنِينَ لَمْ يَأْخُذُوا جُعْلًا، وَعَمِلُوا مُحْتَسِبِينَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَإِنْ أَخَذُوا جُعْلًا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ عِنْدِي، وَبَعْضُهُمْ أَعَذَرَ بِالْجُعْلِ مِنْ بَعْضٍ، وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَتْرُكَ الْجُعْلَ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ (قَالَ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْجُعْلَ عَنْ الرَّجُلِ فِي الْحَجِّ إذَا كَانَ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الْجُعْلَ عَلَى أَنْ يَكِيلَ لِلنَّاسِ وَيَزِنَ لَهُمْ، وَيُعَلِّمَهُمْ الْقُرْآنَ وَالنَّحْوَ، وَمَا يَتَأَدَّبُونَ بِهِ مِنْ الشِّعْرِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَكْرُوهٌ (قَالَ الرَّبِيعُ) سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَا تَأْخُذْ فِي الْأَذَانِ أُجْرَةً، وَلَكِنْ خُذْهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْفَيْءِ.

شَهَادَةُ السُّؤَالِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا تَحْرُمُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْجَائِحَةِ تُصِيبُ الرَّجُلَ تَأْتِي عَلَى مَالِهِ، وَلَا فِي حَمَالَةِ الرَّجُلِ بِالدِّيَاتِ وَالْجِرَاحَاتِ، وَلَا فِي الْغُرْمِ لِأَنَّ هَذِهِ مَوَاضِعُ ضَرُورَاتٍ، وَلَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ سُقَاطَة مُرُوءَةٍ. وَهَكَذَا لَوْ قُطِعَ بِرَجُلٍ بِبَلَدٍ فَسَأَلَ لَمْ أَرَ أَنَّ هَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَجِدُ الْمُضِيَّ مِنْهَا إلَّا بِمَسْأَلَةٍ، وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ أَحَدٍ بِهَذَا أَبَدًا فَأَمَّا مَنْ يَسْأَلُ عُمُرَهُ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَ عُمُرِهِ أَوْ بَعْضَ عُمُرِهِ، وَهُوَ غَنِيٌّ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا مَعْنَى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَيَشْكُو الْحَاجَةَ فَهَذَا يَأْخُذُ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَيَكْذِبُ بِذِكْرِ الْحَاجَةِ فَتُرَدُّ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ (قَالَ): وَمَنْ سَأَلَ، وَهُوَ فَقِيرٌ لَا يُشْهَدُ عَلَى غِنَاهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِأَنَّهُ صَادِقٌ ثِقَةٌ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ تَغْلِبُهُ الْحَاجَةُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ دَلَالَاتٌ أَنْ يَشْهَدَ بِالْبَاطِلِ عَلَى الشَّيْءِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَهَكَذَا إنْ كَانَ غَنِيًّا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ كَانَ قَابِلًا مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. فَأَمَّا غَيْرُ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ يُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى رَجُلٍ غَنِيٍّ فَقَبِلَهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَا تُرَدُّ بِهَا شَهَادَتُهُ.

شَهَادَةُ الْقَاذِفِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا حَدَدْنَاهُ أَوْ لَمْ نَحْدُدْهُ لَمْ نَقْبَلْ شَهَادَتَهُ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ قَبِلْنَا شَهَادَتَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةٍ لَمْ تَتِمَّ فِي الزِّنَا حَدَدْنَاهُ ثُمَّ نَظَرْنَا إلَى حَالِ الْمَحْدُودِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ عِنْدَ قَذْفِهِ بِشَهَادَتِهِ قُلْنَا لَهُ تُبْ، وَلَا تَوْبَةَ إلَّا إكْذَابُهُ نَفْسَهُ فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَقَدْ تَابَ حُدَّ أَوْ لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَتُوبَ، وَقَدْ قَذَفَ، وَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ بِعَفْوٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْمَقْذُوفَ اسْمُ الْقَذْفِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا حَتَّى يُكَذِّبَ نَفْسَهُ. وَهَكَذَا قَالَ عُمَرُ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى مَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ حِينَ حَدَّهُمْ فَتَابَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأَقَامَ الْآخَرُ عَلَى الْقَذْفِ فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ، وَمَنْ كَانَتْ حَالُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>