للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْعُدَ مِنْهُ، وَأَنْ يُتْرَكَ فِي يَدَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ نُسْخَةُ تِلْكَ الشَّهَادَةِ إنْ شَاءَ، وَلَا يَخْتِمُ الشَّهَادَةَ، وَيَدْفَعْهَا إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ، وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ نُسْخَتُهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ عَلَى الْخَاتَمِ، وَيُحَرِّفُ الْكِتَابَ، وَإِنْ أَغْفَلَ، وَلَمْ يَجْعَلْ نُسْخَتَهَا عِنْدَهُ، وَخَتَمَ الشَّهَادَةَ، وَدَفَعَهَا إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ ثُمَّ أَحْضَرَهَا، وَعَلَيْهَا خَاتَمُهُ لَمْ يَقْبَلْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ يَحْفَظُهَا أَوْ يَحْفَظُ مَعْنَاهَا فَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، وَلَا مَعْنَاهَا فَلَا يَقْبَلُهَا بِالْخَاتَمِ فَقَدْ يُغَيِّرُ الْكِتَابَ، وَيُغَيِّرُ الْخَاتَمَ، وَأَكْرَهُ قَبُولَهُ أَيْضًا تَوْقِيعَهُ بِيَدِهِ لِلشَّهَادَةِ، وَإِيقَاعَ الْكَاتِبِ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي إيقَاعِهِ وَإِيقَاعِ كَاتِبِهِ شَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَهِيَ كَذَا وَكَذَا دِينَارٌ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَوْ هِيَ دَارُ كَذَا شَهِدَ بِهَا فُلَانٌ لِفُلَانٍ حَتَّى لَا يَدَعَ فِي الشَّهَادَةِ مَوْضِعًا فِي الْحُكْمِ إلَّا أَوْقَعَهُ بِيَدِهِ فَإِذَا عَرَفَ كِتَابَهُ، وَذَكَرَ الشَّهَادَةَ أَوْ عَرَفَ كِتَابَ كَاتِبِهِ، وَذَكَرَ الشَّهَادَةَ جَازَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَخَيْرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ تَكُونَ النُّسَخُ كُلُّهَا عِنْدَهُ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ الْحُكْمَ أَخْرَجَهَا مِنْ دِيوَانِهِ ثُمَّ قَطَعَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَإِنْ ضَاعَتْ مِنْ دِيوَانِهِ، وَمِنْ يَدَيْ صَاحِبِهَا الَّذِي أَوْقَعَ لَهُ فَلَا يَقْبَلُهَا إلَّا بِشَهَادَةِ قَوْمٍ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ الْقَوْمِ كُتَّابَهُ كَانُوا أَوْ غَيْرَ كُتَّابِهِ

(قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ لِرَجُلٍ، وَلَا يَذْكُرُ هُوَ حُكْمَهُ لَهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ حُكْمًا جَدِيدًا بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَهُوَ يَدْفَعُهُ، وَلَكِنَّهُ يَدَعُهُ فَلَا يُبْطِلُهُ، وَلَا يُحِقُّهُ، وَإِذَا رَفَعَ ذَلِكَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِهِ أَجَازَهُ كَمَا يُجِيزُ الشَّهَادَةَ عَلَى حُكْمِهِ الْحَاكِمُ الَّذِي يَلِي بَعْدَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِذَا جَاءَ الَّذِي يَقْضِي عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ، وَهُوَ حَاكِمٌ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُنْفِذَهُ إنَّمَا يُنْفِذُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ.

كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

(قَالَ): وَيَقْبَلُ الْقَاضِي كِتَابَ كُلِّ قَاضٍ عَدْلٍ، وَلَا يَقْبَلُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يَقْبَلُهُ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حَتَّى يَفْتَحَهُ، وَيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمَا، وَيَشْهَدَا عَلَى مَا فِيهِ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ قَرَأَهُ بِحَضْرَتِهِمَا أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ اشْهَدَا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ فَإِذَا شَهِدَا عَلَى هَذَا قَبِلَهُ، وَإِذَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى هَذَا، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى أَنْ يَقُولَا هَذَا خَاتَمُهُ، وَهَذَا كِتَابُهُ دَفَعَهُ إلَيْنَا لَمْ يَقْبَلْهُ. وَقَدْ حَضَرْت قَاضِيًا جَاءَهُ كِتَابُ قَاضٍ مَخْتُومٌ فَشَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَيْك دَفَعَهُ إلَيْنَا، وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيْهِ فَفَتَحَهُ، وَقَبِلَهُ فَأَخْبَرَنِي الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَنَّهُ فَضَّ كِتَابًا آخَرَ مِنْ هَذَا الْقَاضِي كُتِبَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ بِعَيْنِهِ، وَوَقَفَ عَنْ إنْفَاذِهِ، وَأَخْبَرَنِي هُوَ أَوْ مَنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ أَنَّهُ رَدَّ إلَيْهِ الْكِتَابَ يَحْكِي لَهُ كِتَابًا فَأَنْكَرَ كِتَابَهُ الْآخَرَ، وَبَلَغَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَتَبَ الْكِتَابَ، وَخَتَمَهُ فَاحْتِيلَ لَهُ فَوَضَعَ كِتَابًا مِثْلَهُ مَكَانَهُ، وَنَحَّى ذَلِكَ الْكِتَابَ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كِتَابُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَلَمَّا كَانَ هَذَا مَوْجُودًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ الشُّهُودِ حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكِتَابَ، وَيَقْبِضُوهُ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ عَنْهُمْ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا نُسْخَةَ كِتَابِهِ فِي أَيْدِيهمْ، وَيُوقِعُوا شَهَادَتَهُمْ فِيهِ فَلَوْ انْكَسَرَ خَاتَمُهُ أَوْ ذَهَبَ بَعْضُ كِتَابِهِ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ فِي الْخَاتَمِ مَعْنًى إنَّمَا الْمَعْنَى فِيمَا قَطَعُوا بِهِ الشَّهَادَةَ كَمَا يَكُونُ مَعَانِي فِي إذْكَارِ الْحُقُوقِ، وَكُتُبِ التَّسْلِيمِ بَيْنَ النَّاسِ

(قَالَ): وَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ كِتَابُهُ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ ثُمَّ وَصَلَ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ قَبُولِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>