للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضِعٍ أَخَذَهُ، وَإِذَا فَضَلَ رَدَّ فِيهِ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ فَضْلًا إنْ كَانَ فِيهِ لَمْ نُجِزْ الْقَسْمَ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَلْزَمَ عَلَى هَذَا إلَّا بَعْدَمَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَوْقِعِ سَهْمِهِ، وَمَا يَلْزَمُهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ فَإِذَا عَلِمَهُ كَمَا يَعْلَمُ الْبُيُوعَ ثُمَّ رَضِيَ بِهِ أَجَزْته فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا كُنْت أُلْزِمُهُمْ الْقُرْعَةَ الْأُولَى، وَلَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوهُ مَتَى شَاءُوا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَوْلًى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْقَسْمُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْقَسْمُ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ يَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا عَلَيْهِ إلَّا مَا كَانَ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ الرَّجُلُ الدَّارَ بَيْنَ الْقَوْمِ فَيَجْعَلَ لِبَعْضِهِمْ سُفْلًا، وَلِبَعْضِهِمْ عُلْوًا لِأَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ السُّفْلَ مَلَكَ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَرْضِ، وَمَا فَوْقَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَإِذَا أُعْطِيَ هَذَا سُفْلًا لَا هَوَاءَ لَهُ، وَأُعْطِيَ هَذَا عُلْوًا لِأَسْفَلَ لَهُ فَقَدْ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَا يَمْلِكُ النَّاسُ، وَلَكِنَّهُ يَقْسِمُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يُعْطِي أَحَدًا بُقْعَةً إلَّا مَا مَلَّكَهُ مَا تَحْتَهَا، وَهَوَاءَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي النَّاسِ قُسَّامٌ عُدُولٌ أَمَرَ الْقَاضِي مَنْ يَطْلُبُ الْقَسْمَ أَنْ يَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ قُسَّامًا عُدُولًا إنْ شَاءُوا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ رَضُوا بِوَاحِدٍ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَ قسامه فِي الْجُعْلِ فَيَتَحَكَّمُوا عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَدَعُ النَّاسَ حَتَّى يَسْتَأْجِرُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَنْ شَاءُوا.

مَا يُرَدُّ مِنْ الْقَسْمِ بِادِّعَاءِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَسَمَ الْقَسَّامُ بَيْنَهُمْ فَادَّعَى بَعْضٌ الْمَقْسُومَ بَيْنَهُمْ غَلَطًا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَقُولُ مِنْ الْغَلَطِ فَإِنْ جَاءَ بِهَا رُدَّ الْقَسْمُ عَنْهُ

(قَالَ): وَإِذَا قُسِّمَتْ الدَّارُ بَيْنَ نَفَرٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَوْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ فَبِيعَ بَعْضُهَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ، وَيُقَالُ لَهُمْ فِي الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ إنْ تَطَوَّعْتُمْ أَنْ تُعْطُوا أَهْلَ الدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ أَنْفَذْنَا الْقَسْمَ بَيْنَكُمْ، وَإِنْ لَمْ تَطَّوَّعُوا، وَلَمْ نَجِدْ لِلْمَيِّتِ مَالًا إلَّا هَذِهِ الدَّارَ بِعْنَا مِنْهَا وَنَقَضْنَا الْقَسْمَ

(قَالَ): فَإِذَا جَاءَ الْقَوْمُ فَتَصَادَقُوا عَلَى مِلْكِ دَارٍ بَيْنَهُمْ، وَسَأَلُوا الْقَاضِيَ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يَقْسِمَهَا، وَيَقُولُ إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَقْسِمُوا بَيْنَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ يَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ فَافْعَلُوا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ قَسْمِي فَأَثْبِتُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى أُصُولِ حُقُوقِكُمْ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنِّي إنْ قَسَمْت بِلَا بَيِّنَةٍ فَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنِّي قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى حَاكِمٍ غَيْرِي كَانَ شَبِيهًا أَنْ يَجْعَلَهَا حُكْمًا مِنِّي لَكُمْ بِهَا، وَلَعَلَّهَا لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَيْسَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَلَا نَقْسِمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَدْ قِيلَ يَقْسِمُ، وَيَشْهَدُ أَنَّهُ إنَّمَا قَسَمَ عَلَى إقْرَارِهِمْ، وَلَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ لِمَا وَصَفْت فَإِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ دُورًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ دُورًا، وَرَقِيقًا أَوْ دُورًا، وَأَرَضِينَ فَاصْطَلَحَ الْوَرَثَةُ، وَهُمْ بَالِغُونَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَصِيرُ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ لَمْ أَرْدُدْهُ، وَإِنْ تَشَاحُّوا فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْسِمَ لَهُ دَارًا كَمَا هِيَ، وَيُعْطِيَ غَيْرَهُ بِقِيمَتِهَا دَارًا غَيْرَهَا بِقِيمَتِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَيَقْسِمُ كُلَّ دَارٍ بَيْنَهُمْ فَيَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ، وَكَذَلِكَ الْأَرَضِينَ، وَالثِّيَابَ، وَالطَّعَامَ، وَكُلُّ مَا احْتَمَلَ أَنْ يُقْسَمَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْعَدْلُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ، وَفِي النَّظَرِ فِي الْحُكْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْصِفَ الْخَصْمَيْنِ فِي الْمَدْخَلِ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا، وَالْإِنْصَاتِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْفَدَ حُجَّتُهُ، وَحُسْنِ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَخُصُّ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِإِقْبَالٍ دُونَ الْآخَرِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ، وَلَا بِزِيَارَةٍ لَهُ دُونَ الْآخَرِ، وَلَا يَنْهَرُهُ، وَلَا يَنْهَرُ الْآخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>