للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقَلِّ عَدْلِهِ عَلَيْهِمَا أَنْ يَكُفَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ عِرْضِ صَاحِبِهِ، وَأَنْ يُغِيرَ عَلَى مَنْ نَالَ مِنْ عِرْضِ صَاحِبِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَوْجِبُ بِقَوْلِهِ لِصَاحِبِهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُلَقِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا حُجَّةً، وَلَا بَأْسَ إذَا جَلَسَا أَنْ يَقُولَ تَكَلَّمَا أَوْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَ أَحَدُهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ الطَّالِبُ فَإِذَا أَنْفَدَ حُجَّتَهُ تَكَلَّمَ الْمَطْلُوبُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُضَيِّفَ الْخَصْمَ إلَّا وَخَصْمُهُ مَعَهُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هَدِيَّةً، وَإِنْ كَانَ يُهْدِي لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْفَدَ خُصُومَتُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا بَأْسَ إذَا حَضَرَ الْقَاضِيَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ قَلِيلًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمْ، وَإِنْ جَعَلَ لَهُمْ يَوْمًا بِقَدْرِ مَا لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَيَرْفُقُ بِالْمُسَافِرِينَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَثُرُوا حَتَّى يُسَاوُوا أَهْلَ الْبَلَدِ أُسًّا بِهِمْ، لِأَنَّ لِكُلِّهِمْ حَقًّا

وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ، وَيَقْدَمَ النَّاسُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ لَا يَقْدَمُ رَجُلًا جَاءَ قَبْلَهُ غَيْرُهُ، وَإِذَا قَدِمَ الَّذِي جَاءَ أَوَّلًا وَخَصْمُهُ، وَكَانَ لَهُ خُصُومٌ فَأَرَادُوا أَنْ يَتَقَدَّمُوا مَعَهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ إلَّا مِنْهُ، وَمِنْ خَصْمٍ وَاحِدٍ فَإِذَا فَرَغَا أَقَامَهُ، وَدَعَا الَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ كَثِيرٌ أُخَرُ، وَيَكُونُ آخِرَ مَنْ يَدْعُو، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي إلَّا بَعْدَمَا يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ بِخَبَرِ مُتَّبِعٍ لَازِمٍ أَوْ قِيَاسٍ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ ذَلِكَ لَهُ لَمْ يَقْطَعْ حُكْمًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ، وَيَسْتَظْهِرَ بِرَأْيِ أَهْلِ الرَّأْيِ

(قَالَ): وَإِذَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِخَبَرٍ فَلَمْ يَبِنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ الْحَقُّ عِنْدَهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ، وَلَوْ كَانُوا فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَكُونُ إلَّا مَوْجُودًا إمَّا خَبَرٌ لَازِمٌ، وَإِمَّا قِيَاسٌ يُبَيِّنُهُ لَهُ الْمَرْءُ فَيَعْقِلُهُ فَإِذَا بَيَّنَهُ لَهُ فَلَمْ يَعْقِلْهُ فَلَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْ رَجُلَيْنِ إمَّا رَجُلٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ غَلِطَ عَلَيْهِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ تَجِدُ مَا لَا نَجِدُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُخْطِئٍ عِنْدَهُ، وَإِمَّا رَجُلٌ لَا يَعْقِلُ إذَا عَقَلَ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ، وَلَا لِأَحَدٍ أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَهُ، وَإِذَا كُنَّا نَرُدُّ شَهَادَةَ الْمَرْءِ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ مِمَّا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ فِيمَا لَا يَعْقِلُ أَوْلَى بِالرَّدِّ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ صَوَابًا فَيُنْفِذُ الصَّوَابَ حَيْثُ كَانَ

(قَالَ): وَلَا يُلَقِّنُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ وَيَدَعُهُ يَشْهَدُ بِمَا عِنْدَهُ، وَلَكِنَّهُ يُوقِفُهُ، وَالتَّوْقِيفُ غَيْرُ التَّلْقِينِ (قَالَ): وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْتَهِرَ الشَّاهِدَ، وَلَا يَتَعَنَّتَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقِفَ الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَيَكْتُبَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ نَاحِيَةً ثُمَّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ، وَالشَّاهِدُ يَسْمَعُ، وَلَا يَقْبَلُهَا فِي مَجْلِسٍ لَمْ يُوَقِّعْ فِيهَا بِيَدِهِ أَوْ كَاتِبُهُ حَيْثُ يَرَاهُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخَلِّيَ الْكَاتِبَ يَغِيبُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْإِيقَاعِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْهِ فَيَعْرِضَهُ، وَالشَّاهِدُ حَاضِرٌ ثُمَّ يَخْتِمُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ، وَيَرْفَعُهَا فِي قِمَطْرِهِ (قَالَ): فَإِنْ أَرَادَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نُسْخَتَهَا أَخَذَهَا، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَضُمَّ الشَّهَادَاتِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَحُجَّتَهُمَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَكْتُبَ تَرْجَمَتَهُمَا بِأَسْمَائِهِمَا، وَالشَّهْرَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِيَكُونَ أَعْرَفَ لَهَا إذَا طَلَبَهَا فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ عَزَلَهَا، وَكَتَبَ خُصُومَةُ سَنَةِ كَذَا، وَكَذَا حَتَّى تَكُونَ كُلُّ سَنَةٍ مَعْرُوفَةً وَكُلُّ شَهْرٍ مَعْرُوفًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَسْأَلُ عَمَّنْ جَهِلَ عَدْلَهُ سِرًّا فَإِذَا عُدِّلَ سَأَلَ تَعْدِيلَهُ عَلَانِيَةً لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُعَدَّلَ سِرًّا هُوَ هَذَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمَهُ، وَنَسَبُهُ نَسَبَهُ.

(قَالَ): وَإِذَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِهِ شَهَادَةً، وَلَا يَذْكُرُ مِنْهَا شَيْئًا لَمْ يَقْضِ بِهَا حَتَّى يُعِيدَ الشُّهُودَ أَوْ يَشْهَدَ شُهُودٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فَإِنْ خَافَ النِّسْيَانَ، وَالْإِضْرَارَ بِالنَّاسِ تَقَدَّمَ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ إلَيْهِمْ بِأَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ كُتَّابِهِ، وَيُوَقِّعَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ كَمَا وَصَفْت، وَإِذَا ذَكَرَ شَهَادَاتِهِمْ حَكَمَ بِهَا، وَإِلَّا شَهِدَ عَلَيْهَا مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَيَقْبَلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَالُ لِكِتَابٍ فَيَطْرَحُ فِي دِيوَانِهِ الْخَطَّ فَيُشْبِهُ الْخَطُّ الْخَطَّ، وَالْخَاتَمُ الْخَاتَمَ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ شَاهِدٌ يَكْتُبُ شَهَادَتَهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَيُخْرِجُهَا لَمْ يَشْهَدْ بِهَا حَتَّى يَذْكُرَهَا

(قَالَ): وَمَا وُجِدَ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ قَضَاءٍ غَيْرِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ مَعَ رِزْقِ الْقَاضِي شَيْئًا لِقَرَاطِيسِهِ وَصُحُفِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>