للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبِ إنْ أَصَابَ فِيهَا.

وَيَسْتَدِلُّ عَلَى غَيْرِهِ إنْ أَخْطَأَ فِيهَا فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْقَافَةِ فَقَالَ الْقَافَةُ بَاطِلٌ فَذَكَرْنَا لَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ، وَنَظَرَ إلَى أَقْدَامِ أُسَامَةَ، وَأَبِيهِ زَيْدٍ، وَقَدْ غَطَّيَا وُجُوهَهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَحَكَى ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ مَسْرُورًا بِهِ» فَقَالَ لَيْسَ فِي هَذَا حُكْمٌ فَقُلْنَا إنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُكْمٌ فَإِنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيَهُ، وَرَآهُ عِلْمًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا مَا سَرَّهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَنَهَاهُ أَنْ يَعُودَ لَهُ فَقَالَ إنَّك، وَإِنْ أَصَبْت فِي هَذَا فَقَدْ تُخْطِئُ فِي غَيْرِهِ قَالَ فَهَلْ فِي هَذَا غَيْرُهُ؟ قُلْنَا نَعَمْ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ شَكَّ فِي ابْنٍ لَهُ فَدَعَا الْقَافَةَ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا وَلَدًا فَدَعَا لَهُ عُمَرُ الْقَافَةَ فَقَالُوا قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَالِ أَيَّهُمَا شِئْت أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَرَ مِثْلَ مَعْنَاهُ أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ مَعْنَاهُ قَالَ فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِهَذَا، وَنَزْعُمُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ هُوَ ابْنُكُمَا تَرِثَانِهِ، وَيَرِثُكُمَا، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا قُلْت فَقَدْ رَوَيْت عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ دَعَا الْقَافَةَ فَزَعَمْت أَنَّك لَا تَدْعُو الْقَافَةَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْك فِي شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْنَا إلَّا أَنَّك رَوَيْت عَنْ عُمَرَ شَيْئًا فَخَالَفْته فِيهِ كَانَتْ عَلَيْك قَالَ قَدْ رَوَيْت عَنْهُ أَنَّهُ ابْنُهُمَا، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَيْتُمْ قُلْنَا، وَأَنْتَ تُخَالِفُ أَيْضًا هَذَا قَالَ فَكَيْفَ لَمْ تَصِيرُوا إلَى الْقَوْلِ بِهِ؟ قُلْنَا هُوَ لَا يَثْبُتُ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّ إسْنَادَ حَدِيثِ هِشَامٍ مُتَّصِلٌ، وَالْمُتَّصِلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَك مِنْ الْمُنْقَطِعِ.

وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعُرْوَةُ أَحْسَنُ مُرْسَلًا عَنْ عُمَرَ مِمَّنْ رَوَيْت عَنْهُ قَالَ فَأَنْتَ تُخَالِفُ عُمَرَ فِيمَا قَضَى بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْنَ اثْنَيْنِ قُلْت فَإِنَّك زَعَمْت أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى بِهِ إذْ كَانَ فِي أَيْدِيهمَا قَضَاءُ الْأَمْوَالِ قَالَ كَذَلِكَ قُلْت.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قُلْت فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، وَالْعَبْدَ الْمُسْلِمَ، وَالذِّمِّيَّ إذَا تَدَاعَوْا وَلَدًا جَعَلْته لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ زَعَمْت أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ إذَا تَدَاعَيَا وَلَدًا كَانَ لِلذِّمِّيِّ لِلْحُرِّيَّةِ فَزَعَمْت أَنَّك تَجْعَلُهُ مَرَّةً لِلْمُدَّعِي بِالْإِسْلَامِ، وَالْآخَرُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَتَجْعَلُهُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ دُونَ الْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ تَدَاعَوْا مَالًا جَعَلْته سَوَاءً بَيْنَهُمْ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَمْوَالِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حُكْمِ عُمَرَ فَقَدْ خَالَفْته بِمَا وَصَفْنَا (قَالَ): فَإِنَّا إنَّمَا قُلْنَا هَذَا عَلَى النَّظَرِ لِلْمَوْلُودِ. قُلْنَا، وَتَقُولُ قَوْلًا لَا قِيَاسًا، وَلَا خَبَرًا ثُمَّ تَقُولُهُ مُتَنَاقِضًا أَرَأَيْت لَوْ أَجَازُوا لَك أَنْ تَقُولَهُ عَلَى أَنْ تَنْظُرَ لِلْمَوْلُودِ فَحَيْثُ كَانَ خَيْرًا لَهُ أَلْحَقْته فَتَدَاعَاهُ خَلِيفَةٌ أَوْ أَشْرَفُ النَّاسِ نَسَبًا، وَأَكْثَرُهُمْ مَالًا، وَخَيْرُهُمْ دِينًا وَفِعَالًا، وَشَرُّ مَنْ رَأَيْت بِعَيْنِك نَفْسًا، وَنَسَبًا، وَعَقْلًا، وَدِينًا، وَمَالًا (قَالَ): إذًا أَجْعَلُهُمْ فِيهِ سَوَاءً؟ قُلْنَا فَلَا نَسْمَعُ قَوْلَك قَضَيْت بِهِ عَلَى النَّظَرِ لَهُ مَعْنًى لِأَنَّك لَوْ كُنْت تُثْبِتُ عَلَى النَّظَرِ لَهُ أَلْحَقْته بِخَيْرِهِمَا لَهُ.

(قَالَ): فَقَدْ يَصْلُحُ هَذَا، وَيَكْثُرُ مَالُهُ، وَيَفْسُدُ هَذَا، وَيَقِلُّ مَالُهُ قُلْنَا، وَكَذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَيُسْلَمُ الذِّمِّيُّ حَتَّى يَكُونَا خَيْرًا مِنْ الَّذِي قَضَيْت لَهُ بِهِ (قَالَ): فَأَيْنَ خَالَفْته فِيهِ فِي سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ؟ قُلْت زَعَمْت أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَقْضِي بِهِ لِلِاثْنَيْنِ بِالْأَثَرِ، وَثَلَاثَةٍ لِأَنَّ ثَلَاثَةً فِي مَعْنَى اثْنَيْنِ فَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَصَاعِدًا لَمْ أَقْضِ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَالَ): فَهَذَا خَطَأٌ كُلُّهُ، وَقَدْ تَرَكْته. قُلْنَا فَقُلْ مَا شِئْت: قَالَ فَازْعُمْ أَنَّ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ سَوَاءٌ فَأَقْضِي لَهُمْ بِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا كَمَا يُقْضَى بِالْمَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْنَا فَمَا تَقُولُ إنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ لِمِائَةِ قِيَام؟ قَالَ يَرِثُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ مِيرَاثِ أَبٍ لِأَنَّ كَذَلِكَ أُبُوَّتَهُمْ فِيهِ. قُلْنَا فَمَا تَقُولُ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>