للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لَا يُمْضِي عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُمْضِيه لَقَالَ زَيْدٌ لَيْسَ هَذَا عَلَيَّ قَالَ فَلِمَ حَلَفَ زَيْدٌ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ؟ قُلْنَا، أَوْ مَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ فَإِذَا شَهَرْت يَمِينَهُ كَرِهَ أَنْ تَصْبِرَ يَمِينُهُ وَتُشْهَرَ قَالَ بَلَى قُلْنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِك حُجَّةٌ إلَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ فَكَيْفَ وَهِيَ بِالسُّنَّةِ، وَالْخَبَرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَثْبَتُ؟ قَالَ فَكَيْفَ يَحْلِفُ مَنْ بِالْأَمْصَارِ عَلَى الْعَظِيمِ مِنْ الْأَمْرِ قُلْنَا بَعْدَ الْعَصْرِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} وَكَمَا أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ بِالطَّائِفِ أَنْ يَحْبِسَ الْجَارِيَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَقْرَأَ عَلَيْهَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} فَفَعَلَ فَاعْتَرَفَتْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ ابْنُ مُؤَمَّلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

بَابُ رَدِّ الْيَمِينِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ يَهُودُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ الْأَنْصَارِيِّينَ فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا رَدَّ الْأَيْمَانَ عَلَى يَهُودَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَجْرَى فَرَسًا فَوَطِئَ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنَزَى فِيهَا فَمَاتَ فَقَالَ عُمَرُ لِلَّذِينَ ادَّعَى عَلَيْهِمْ تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا؟ فَأَبَوْا وَتَحَرَّجُوا مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَالَ لِلْآخَرِينَ احْلِفُوا أَنْتُمْ فَأَبَوْا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَمِينَ عَلَى الْأَنْصَارِيِّينَ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا حَوَّلَهَا عَلَى الْيَهُودِ يَبْرَءُونَ بِهَا وَرَأَى عُمَرُ عَلَى اللَّيْثِيِّينَ يَبْرَءُونَ بِهَا فَلَمَّا أَبَوْا حَوَّلَهَا عَلَى الْجُهَنِيِّينَ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا فَكُلُّ هَذَا تَحْوِيلُ يَمِينٍ مِنْ مَوْضِعٍ قَدْ رُئِيَتْ فِيهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُخَالِفُهُ فَبِهَذَا وَمَا أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ قَبْلَنَا قُلْنَا فِي رَدِّ الْيَمِينِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} فَهَذَا وَمَا أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا يَحْكُونَهُ عَنْ مُفْتِيهمْ وَحُكَّامِهِمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ فَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى دَمًا فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعُونَ إذَا كَانَ مَا تَجِبُ بِهِ الْقَسَامَةُ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْعُقُولِ فَإِنْ حَلَفُوا اسْتَحَقُّوا وَإِنْ أَبَوْا الْأَيْمَانَ قِيلَ يَحْلِفُ لَكُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئُوا وَلَا يَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُونَ، وَالْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ سَوَاءٌ يَبْدَأُ فِيهَا الْمُدَّعُونَ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى غَيْرَ دَمٍ وَكَانَتْ الدَّعْوَى مَالً أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قِيلَ لِلْمُدَّعِي لَيْسَ النُّكُولُ بِإِقْرَارٍ فَتَأْخُذُ مِنْهُ حَقَّك كَمَا تَأْخُذُهُ بِالْإِقْرَارِ وَلَا بَيِّنَةَ فَتَأْخُذُ بِهَا حَقَّك بِغَيْرِ يَمِينٍ فَاحْلِفْ وَخُذْ حَقَّك فَإِنْ أَبَيْت أَنْ تَحْلِفَ سَأَلْنَاك عَنْ إبَائِك فَإِنْ ذَكَرْت أَنَّك تَأْتِي بِبَيِّنَةٍ، أَوْ تَذْكُرُ مُعَامَلَةً بَيْنَك وَبَيْنَهُ تَرَكْنَاك فَمَتَى جِئْت بِشَيْءٍ تَسْتَحِقُّ بِهِ أَعْطَيْنَاك وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ حَلَفْت فَإِنْ قُلْت لَا أُؤَخِّرُ ذَلِكَ لِشَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَا أَحْلِفُ أَبْطَلْت يَمِينَك فَإِنْ طَلَبْتهَا بَعْدُ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>