للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّيْنِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَكَانَ تَفْرِيقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الشَّهَادَاتِ عَلَى مَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنَّهَا مُفْتَرِقَةٌ وَاحْتَمَلَ إذَا كَانَ أَقَلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ الشَّهَادَاتِ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَا تَتِمُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِمَعْنَى لَا يَكُونُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ يَمِينٌ إذَا أَتَى بِكَمَالِ الشَّهَادَةِ فَيُعْطَى بِالشَّهَادَةِ دُونَ يَمِينِهِ لَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّمَ أَنْ لَا يُعْطَى أَحَدٌ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَرَّمْ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ نَصًّا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِهَذَا نَقُولُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ دَلَالَةَ السُّنَّةِ، ثُمَّ الْآثَارِ وَبَعْضِ الْإِجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ فَقُلْنَا يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَسَأَلَنَا سَائِلٌ مَا رَوَيْت مِنْهَا؟ فَقُلْنَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» قَالَ عَمْرٌو فِي الْأَمْوَالِ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّاهُ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ يَسْأَلُ أَبِي أَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ؟ قَالَ نَعَمْ وَقَضَى بِهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَالَ مُسْلِمٌ وَقَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ فِي الدَّيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَحَكَمْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ مَا سِوَاهَا وَمَا حَكَمْنَا فِيهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَجَزْنَا فِيهِ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَمَا لَمْ نَحْكُمْ فِيهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَمْ نُجِزْ فِيهِ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ اسْتِدْلَالًا بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي وَصَفْت فِي شَهَادَتِهِنَّ قَبْلَ هَذَا.

بَابُ الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ خِلَافًا أَسْرَفَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَرُدُّ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِهَا لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقُرْآنِ فَقُلْت لِأَعْلَى مَنْ لَقِيت مِمَّنْ خَالَفَنَا فِيهَا عِلْمًا: أَمَرَ اللَّهُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ؟ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْت فَفِيهِ أَنَّ حَتْمًا مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقَالَ فَإِنْ قُلْته؟ قُلْت لَهُ فَقُلْهُ فَقَالَ فَقَدْ قُلْته فَقُلْت وَتَجِدُ مَنْ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا فَقَالَ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ بَالِغَانِ عَدْلَانِ قُلْت وَمَنْ حَكَمَ بِدُونِ مَا قُلْت خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت لَهُ إنْ كَانَ كَمَا زَعَمْت فَقَدْ خَالَفْت حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت إذْ أَجَزْت شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهُمْ غَيْرُ الَّذِينَ شَرَطَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمْ وَأَجَزْت شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا عَلَى الْوِلَادَةِ وَهَذَانِ وَجْهَانِ أَعْطَيْت بِهِمَا مِنْ جِهَةِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ أَعْطَيْت بِغَيْرِ شَهَادَةٍ فِي الْقَسَامَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فَتَقُولُ مَاذَا؟ قُلْت أَقُولُ إنَّ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَيْسَ بِخِلَافِ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بَلْ بِحُكْمِ اللَّهِ حَكَمْت بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَفَرَضَ اللَّهُ طَاعَةَ رَسُولِهِ فَاتَّبَعْت رَسُولَهُ فَعَنْ اللَّهِ قَبِلْت كَمَا قَبِلْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت مِنْ أَنَّ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ فَرْضٌ وَلِهَذَا كِتَابٌ طَوِيلٌ هَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْهُ قَدْ قَالُوا فِيهِ وَقُلْنَا وَأَكْثَرْنَا. قَالَ: أَفَتُوجِدُنِي لَهَا نَظِيرًا فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْت: نَعَمْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ، أَوْ مَسْحِهِمَا فَمَسَحْنَا وَمَسَحْت عَلَى الْخُفَّيْنِ بِالسُّنَّةِ. وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} فَحَرَّمْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ بِالسُّنَّةِ. وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} فَحَرَّمْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>