للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْبِنَاءِ نَقَضَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى يَكُونَ الْبَيْعُ وَالْبِنَاءُ كَانَ لِلْبَائِعِ وَالْبَانِي أَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَانَ ثَمَنُ الثَّوْبِ كُلِّهِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَالدَّارُ لِرَبِّ الدَّارِ، وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ مَالُ مُضَارَبَةٍ فَأَدَانَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ وَلَمْ يَنْهَهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ فَأَدَانَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ وَبَاعَ بِنَسِيئَةٍ وَلَمْ يُقْرِضْهُ، وَلَوْ أَقْرَضَهُ ضَمِنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَمَا أَدَانَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْمُضَارِبُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي النَّسِيئَةِ، وَلَوْ أَقْرَضَهُ قَرْضًا ضَمِنَ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ

أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعْطَى مَالَ يَتِيمٍ مُضَارَبَةً فَكَانَ يَعْمَلُ بِهِ فِي الْعِرَاقِ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ قَاطَعَهُ عَلَى الرِّبْحِ

أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعْطَى مَالًا مُقَارَضَةً يَعْنِي مُضَارَبَةً أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعْطَى زَيْدَ بْنَ خُلَيْدَةَ مَالًا مُقَارَضَةً

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ مَالًا مُضَارَبَةً وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَأَدَانَ فِي بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ سَلَفٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ هُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ.

بَابُ السَّلَمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَخَذَ بَعْضَ طَعَامِهِ وَبَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا أَخَذَ بَعْضَ رَأْسِ مَالِهِ فَقَدْ فَسَدَ السَّلَمُ وَيَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ كُلِّهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مَكِيلَةِ طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَتَرَاضَيَا أَنْ يَتَفَاسَخَا الْبَيْعَ كُلَّهُ كَانَ جَائِزًا، وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا جَازَ أَنْ يَتَفَاسَخَا نِصْفَ الْبَيْعِ وَيُثْبِتَا نِصْفَهُ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا وَقَالَ هَذَا الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقِيَاسُ وَخَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ

(قَالَ): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي اللَّحْمِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ إذَا بَيَّنَ مَوَاضِعَ اللَّحْمِ فَقَالَ أَفْخَاذٌ وَجَنُوبٌ وَنَحْوَ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي لَحْمٍ بِوَزْنٍ وَصِفَةٍ وَمَوْضِعٍ وَمِنْ سِنٍّ مَعْلُومٍ وَسَمَّى ذَلِكَ الشَّيْءَ فَالسَّلَفُ جَائِزٌ

بَابُ الشُّفْعَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ عَلَى شِقْصٍ مِنْ دَارٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ لَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِالْقِيمَةِ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ قِيمَةَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا شِرَاءً يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>