للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لِمَالِك الْعَبْدِ الْحَالِفِ بِعِتْقِهِ إجَازَةُ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ كَانَ لَمْ يَنْقَطِعْ مِلْكُهُ عَنْهُ الِانْقِطَاعَ كُلَّهُ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِعَبْدِهِ الَّذِي بَاعَهُ عَتَقَ فَعَتَقَ بِالْحِنْثِ، وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ بَيْعَ خِيَارٍ كَانَ هَكَذَا عِنْدِي لِأَنِّي أَزْعُمُ أَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخِيَارَ يَجُوزُ مَعَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَمْ يُعْتَقْ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ أَخْرَجَتْهُ مِنْ مِلْكِ الْحَالِفِ خُرُوجًا لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ فَوَقَعَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَهَكَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَوْ كَلَّمْتُ فُلَانًا، أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَبَاعَهُ وَفَارَقَ الْمُشْتَرِيَ، ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا، أَوْ دَخَلَ الدَّارَ لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّ الْحِنْثَ وَقَعَ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً، أَوْ وَاحِدَةً يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، ثُمَّ كَلَّمَ الْأَوَّلُ فُلَانًا وَهِيَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَهِيَ تَحْتَ غَيْرِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِذَلِكَ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا، ثُمَّ خَالَعَهَا، ثُمَّ كَلَّمَتْ فُلَانًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ مِلْكِهِ وَهَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى زَوْجَةٍ وَهِيَ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ، وَلَوْ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا لَمْ يَحْنَثْ بِهَذَا الطَّلَاقِ وَإِنْ كَلَّمَهُ كَلَامًا جَدِيدًا؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ إلَّا مَرَّةً، وَقَدْ وَقَعَ وَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ مِلْكِهِ

(قَالَ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمَرْأَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ طَلَّقَ بَعْدَمَا مَلَكَ وَأَعْتَقَ بَعْدَمَا مَلَكَ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ فَهَذَا إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْمِلْكِ كُلِّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إذَا تَزَوَّجْتهَا، أَوْ مَلَكْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ صَارَتْ طَالِقًا وَبِهَذَا يَأْخُذُ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَانَ حُرًّا فَهَذَا عِتْقُ مَا لَمْ يَمْلِكْ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَقَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَمْلِكُهَا أَرَأَيْتَ لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَمَا كَانَ يُعْتَقُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ إلَّا أَنْ يُوَقِّتَ وَقْتًا فَإِنْ وَقَّتَ وَقْتًا فِي سِنِينَ مَعْلُومَةٍ، أَوْ قَالَ مَا عَاشَ فُلَانٌ، أَوْ فُلَانَةُ، أَوْ وَقَّتَ مِصْرًا مِنْ الْأَمْصَارِ، أَوْ مَدِينَةً، أَوْ قَبِيلَةً لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَشْتَرِي مِنْهَا مَمْلُوكًا فَإِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُوقِعُ عَلَى هَذَا الطَّلَاقَ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يُوقِعُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِ الْوَقْتِ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ إذَا وَقَّتَ وَقْتًا، أَوْ قَبِيلَةً، أَوْ مَا عَاشَتْ فُلَانَةُ وَقَعَ.

إذَا قَالَ الرَّجُلُ إنْ وَطِئْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا فَوَطِئَهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لَا تُعْتَقُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ حَلَفَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ تُعْتَقُ فَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُكِ فَوَطِئْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا فَوَطِئَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا (قَالَ الرَّبِيعُ) لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَا هُنَا جَوَابٌ.

بَابٌ فِي الْعَارِيَّةُ وَأَكْلِ الْغَلَّةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَعَارَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَرْضًا يَبْنِي فِيهَا وَلَمْ يُوَقِّتْ وَقْتًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>