للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَحِجَارَتِهِ إلَى الْحِلِّ شَيْئًا وَحَدَّثَنَا شَيْخٌ عَنْ رَزِينٍ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُبْعَثَ إلَيْهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ الْمَرْوَةِ يَتَّخِذُهَا مُصَلًّى يَسْجُدُ عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ وَلَا تُرَابِهِ شَيْءٌ إلَى الْحِلِّ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً ثَبَتَتْ بَايَنَ بِهَا مَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ وَلَا أَرَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ جَائِزًا لِأَحَدٍ أَنْ يُزِيلَهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَايَنَ بِهِ الْبُلْدَانَ إلَى أَنْ يَصِيرَ كَغَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَدِمْت مَعَ أُمِّي أَوْ قَالَ جَدَّتِي مَكَّةَ فَأَتَتْهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ فَأَكْرَمَتْهَا وَفَعَلْت بِهَا فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: مَا أَدْرَى مَا أُكَافِئُهَا بِهِ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ الرُّكْنِ فَخَرَجَتْ بِهَا فَنَزَلْنَا أَوَّلَ مَنْزِلٍ فَذُكِرَ مِنْ مَرَضِهِمْ وَعِلَّتِهِمْ جَمِيعًا قَالَ: فَقَالَتْ أُمِّي أَوْ جَدَّتِي مَا أَرَانَا أَتَيْنَا إلَّا أَنَّا أَخْرَجْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنْ الْحَرَمِ فَقَالَتْ لِي: وَكُنْت أُمَثِّلُهُمْ انْطَلِقْ بِهَذِهِ الْقِطْعَةِ إلَى صَفِيَّةَ فَرَدَّهَا وَقُلْ لَهَا إنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا وَضَعَ فِي حَرَمِهِ شَيْئًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى فَقَالُوا لِي: فَمَا هُوَ إلَّا أَنْ تَجِينَا دُخُولُك الْحَرَمَ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطْنَا مِنْ عَقْلٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ شَيْءٌ إلَى غَيْرِهِ.

وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ حَمَامًا مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِ شَاةٌ وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: فِي حَمَامِ الْحَرَمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ شَاةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ حَمَامًا مِنْ حَمَامِهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَقَدْ زَعَمَ الَّذِي قَالَ فِيهِ قِيمَةٌ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَالَفَ أَرْبَعَةٌ فِي حَمَامِ مَكَّةَ.

وَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الصَّيْدَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ عَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يُجْزِي فِي هَدْيِ الصَّيْدِ إلَّا مَا يُجْزِي فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ الْجَذَعُ بْنُ الضَّأْنِ إذَا كَانَ عَظِيمًا أَوْ الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ لَا يُجْزِي مَا دُونَ ذَلِكَ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} وَسَأَلْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ يُبْعَثُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَنَاقًا أَوْ حَمَلًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخَذَ بِالْأَثَرِ فِي الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيمَتُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ صَيْدًا صَغِيرًا فَدَاهُ بِشَاةٍ صَغِيرَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مِثْلُ} وَالْمِثْلُ مِثْلُ الَّذِي يُفْدَى فَإِذَا كَانَ كَبِيرًا كَانَ كَبِيرًا وَإِذَا كَانَ الَّذِي يُفْدَى صَغِيرًا كَانَ صَغِيرًا وَلَا أَعْلَمُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْدَى الصَّيْدُ الصَّغِيرُ بِصَغِيرٍ مِثْلِهِ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا خَالَفَ الْقُرْآنَ وَالْآثَارَ وَالْقِيَاسَ وَالْمَعْقُولَ وَإِذَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّيْدَ مُحَرَّمٌ كُلُّهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ تُفْدَى الْجَرَادَةُ بِتَمْرَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ تَمْرَةٍ لِصِغَرِهَا وَقِلَّةِ قِيمَتِهَا وَتُفْدَى بَقَرَةُ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ لِكِبَرِهَا فَكَيْفَ لَمْ يَزْعُمْ أَنَّهُ يُفْدَى الصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ وَقَدْ فَدَى الصَّغِيرَ بِصَغِيرٍ وَالْكَبِيرَ بِكَبِيرٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} وَإِنَّمَا رَفَعَ وَخَفَضَ بِالْمِثْلِ عِنْدَهُ فَكَيْفَ يَفْدِي بِتَمْرَةٍ وَلَا يَفْدِي بِعَنَاقٍ وَمَا لِلضَّحَايَا وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ هَلْ رَآهُ قِيَاسَ جَزَاءِ الصَّيْدِ حِينَ أَصَابَ الْمُحْرِمُ الْبَقَرَةَ بِأَنْ قَالَ: يَكْفِيه شَاةٌ كَمَا يَكْفِي الْمُتَمَتِّعَ أَوْ الْمُضَحِّيَ أَوْ قَاسَهُ حِينَ أَصَابَ الْمُحْرِمُ جَرَادَةً بِأَنْ قَالَ: لَا يُجْزِي الْمُحْرِمَ إلَّا شَاةٌ كَمَا لَا يُجْزِي الْمُضَحِّي وَالْمُتَمَتِّعَ إلَّا شَاةٌ فَإِنْ قَالَ: لَا قِيلَ أَلِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِثْلُ وَإِنَّمَا الْمِثْلُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا عَلَى قَدْرِ الْمُصَابِ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ: فَمَا أَضَلُّك عَنْ الْجَفْرَةِ إذَا كَانَتْ مِثْلَ مَا أُصِيبَ وَإِنْ كُنْت تُقَلِّدُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَحْدَهُ فِي أَقْضِيَةٍ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>