للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً حَدَدْتُهُ إنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ فَإِنْ عَفَتْ فَلَا حَدَّ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً فَلِابْنِهَا الْقِيَامُ بِالْحَدِّ وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِالْقَذْفِ الْأَبَ الْجَاهِلِيَّ أَحَلَفْتُهُ مَا عَنَى بِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَعَزَّرْتُهُ وَلَمْ أَحُدَّهُ وَإِنْ قَالَ: لَسْت مِنْ بَنِي فُلَانٍ لِجَدِّهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا عَنَيْت لَسْت مِنْ بَنِيهِ لِصُلْبِهِ إنَّمَا أَنْتَ مِنْ بَنِي بَنِيهِ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ وَجَعَلْتُهُ قَاذِفًا لِأُمِّهِ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ وَهِيَ حُرَّةٌ كَانَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقُولَ: نَفَيْت الْجَدَّ الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ جَاهِلِيٌّ فَأُعَزِّرُهُ وَلَا أَحُدُّهُ لِأَنَّ الْقَذْفَ وَقَعَ عَلَى مُشْرِكَةٍ. .

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ: لَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَأُمُّهُ أَمَةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ إنَّمَا وَقَعَ الْقَذْفُ هَا هُنَا عَلَى الْأُمِّ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَدُّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ أَبِيهِ وَأُمُّ الْمَنْفِيِّ ذِمِّيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَذْفَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَنْ لَا حَدَّ لَهُ وَلَكِنَّهُ يُنَكَّلُ عَنْ أَذَى النَّاسِ بِتَعْزِيرٍ لَا حَدٍّ.

قَالَ: وَإِذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ وَقَدْ مَاتَ الْأَبَوَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: إنَّمَا عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَبِهَذَا يَأْخُذُ قُلْت: إنْ فَرَّقَ الْقَوْلَ أَوْ جَمَعَهُ فَهُوَ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِ حَدَّانِ وَيَضْرِبُهُ الْحَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ مَيِّتَانِ فَعَلَيْهِ حَدَّانِ وَلَا يَضْرِبُهُمَا فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ يُحَدُّ ثُمَّ يُحْبَسُ حَتَّى إذَا بَرَأَ جِلْدُهُ حُدَّ حَدًّا ثَانِيًا وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَّقَ الْقَوْلَ أَوْ جَمَعَهُ أَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلَامٍ مُتَفَرِّقٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدُّهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ ثَلَاثَةً بِالزِّنَا فَلَمْ يَطْلُبْ وَاحِدٌ الْحَدَّ وَأَقَرَّ آخَرُ بِالزِّنَا حُدَّ لِلطَّالِبِ الثَّالِثِ حَدًّا تَامًّا وَلَوْ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْحَدِّ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ إلَّا ثُلُثَ حَدٍّ لِأَنَّ حَدَّيْنِ قَدْ سَقَطَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا بِاعْتِرَافِ صَاحِبِهِ وَالْآخَرُ بِتَرْكِ صَاحِبِهِ الطَّلَبَ وَعَفْوِهِ وَإِذَا كَانَ الْحَدُّ حَقًّا لِمُسْلِمٍ فَكَيْفَ يَبْطُلُ بِحَالٍ؟ أَرَأَيْت لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ ثَلَاثَةً أَوْ عَشَرَةً مَعًا أَمَا كَانَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِيَةٌ إنْ قَتَلَهُمْ خَطَأً وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ إنْ قَتَلَهُمْ عَمْدًا وَدِيَةٌ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَقُدْ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ إلَى الْقَوَدِ سَبِيلًا.

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ وَالْأَبَوَانِ حَيَّانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: إذَا كَانَا حَيَّيْنِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَاذِفِهِمَا الْحَدُّ إلَّا أَنْ يَأْتِيَا يَطْلُبَانِ ذَلِكَ وَلَا يُضْرَبُ الرَّجُلُ حَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ وَجَبَا عَلَيْهِ جَمِيعًا وَبِهِ يَأْخُذُ قَالَ: وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا أَبَدًا إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَضْرِبُهُمَا جَمِيعًا حَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَيَضْرِبُ الْمَرْأَةَ قَائِمَةً وَيَضْرِبُهُمَا حَدَّيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ فِي الْمَسْجِدِ أَظُنُّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا وَلَا يَكُونُ عَلَى مَنْ قَذَفَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ أَوْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ فَإِنْ أَخَذَهُ بَعْضُهُمْ فَحُدَّ لَهُ كَانَ لِجَمِيعِ مَا قَذَفَ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهِ يَأْخُذُ وَقَالَ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُقَامُ عَلَى رَجُلٍ حَدَّانِ وَجَبَا عَلَيْهِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ يُحَدُّ أَحَدَهُمَا ثُمَّ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُحَدُّ الْآخَرَ وَلَا يُحَدُّ فِي مَسْجِدٍ، وَمَنْ قَذَفَ أَبَا رَجُلٍ وَأَبُوهُ حَيٌّ لَمْ يُحَدَّ لَهُ حَتَّى يَكُونَ الْأَبُ الَّذِي يَطْلُبُ وَإِذَا مَاتَ كَانَ لِلِابْنِ أَنْ يَقُومَ بِالْحَدِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَدَدُ بَنِينَ فَأَيُّهُمْ قَامَ بِهِ حُدَّ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُضْرَبُ الرَّجُلُ حَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ وَجَبَا عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَكِنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا ثُمَّ يُحْبَسُ حَتَّى يَخِفَّ الضَّرْبُ ثُمَّ يُضْرَبُ الْحَدَّ الْآخَرَ وَإِنَّمَا الْحَدَّانِ فِي شُرْبٍ وَقَذْفٍ أَوْ زِنًا وَقَذْفٍ أَوْ زِنًا وَشُرْبٍ فَأَمَّا قَذْفٌ كُلُّهُ وَشُرْبٌ كُلُّهُ مِرَارًا أَوْ زِنًا مِرَارًا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ الْمَقْذُوفَانِ حَيَّيْنِ كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتَيْنِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا حَقَّ لِلْوَلَدِ حَتَّى يَجِيءَ الْوَالِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا يَطْلُبُ قَذْفَهُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

(قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>