للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِنَّ مَا لَهُنَّ مِنْهُ بُدٌّ ثُمَّ يُلْزِمُهُنَّ فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ الْأَوْلِيَاءَ قِيَاسًا عَلَى الْآبَاءِ؟ قِيلَ: لِافْتِرَاقِ الْآبَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى وَلَدِهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ غَيْرُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَعْقِدُ عَلَى الْبِكْرِ بَالِغًا وَلَا يَرُدُّ عَنْهَا وَإِنْ كَرِهَتْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْعَمِّ وَلَا لِلْأَخِ وَلَا وَلِيٍّ غَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّا لَا نُجِيزُ لِلْأَبِ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى الْبِكْرِ بَالِغًا وَنَجْعَلُهُ فِيهَا وَفِي الثَّيِّبِ مِثْلُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قِيلَ: فَأَنْتَ تَجْعَلُ قَبْضَهُ لِمَهْرِ الْبِكْرِ قَبْضًا وَلَا تَجْعَلُ ذَلِكَ لِوَلِيٍّ غَيْرَهُ إلَّا وَصِيٍّ بِمَالٍ وَتَجْعَلُ عَقْدَهُ عَلَيْهَا صَغِيرَةً جَائِزًا لَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ وَتَجْعَلُ لَهَا الْخِيَارَ إنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ مِثْلُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ مَا كُنْت قَدْ فَرَّقْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

وَإِذَا نَظَرَ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ شَهْوَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ وَعَلَى أَبِيهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَاِبْنَتُهَا بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَبَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ خَلَا بِجَارِيَةٍ لَهُ فَجَرَّدَهَا وَأَنَّ ابْنًا لَهُ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَك وَبَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ مَلْعُونٌ مَنْ نَظَرَ إلَى فَرْجٍ وَأُمِّهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَا يَحْرُمُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مَا لَمْ يَلْمِسْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا لَمَسَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ حَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ دُونَ اللَّمْسِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَامْرَأَةَ الرَّجُلِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا حَرَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَهَاتَانِ لَيْسَتَا بِأُخْتَيْنِ وَحَرَّمَ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِأُمٍّ وَلَا بِنْتٍ وَقَدْ جَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاِبْنَتِهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَاِبْنَتِهِ.

وَإِذَا نَظَرَ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ أَمَتِهِ مِنْ شَهْوَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا تَحِلُّ لِأَبِيهِ وَلَا لِابْنِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا وَلَا بِنْتُهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: هِيَ لَهُ حَلَالٌ حَتَّى يَلْمِسَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا زَنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ هِيَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا وَلَا أُمَّهَا وَلَا ابْنَتَهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا حَرَّمَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامُ ضِدُّ الْحَلَالِ، وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ.

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِشَاهِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلِيٌّ وَالزَّوْجُ كُفُؤٌ لَهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: النِّكَاحُ جَائِزٌ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ وَأَبَى وَلِيُّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَا يَسَعُهُ إلَّا ذَلِكَ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ غَيْرُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْوَلِيِّ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْهَا وَهِيَ قَدْ وَضَعَتْ نَفْسَهَا فِي الْكَفَاءَةِ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ ابْنَتَهَا فَجَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَخَاصَمُوا الزَّوْجَ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَجَازَ عَلِيٌّ النِّكَاحَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يُجِيزُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ مَوْقُوفٌ وَإِنْ رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ وَهُوَ كُفْءٌ أَجَزْتُ ذَلِكَ كَأَنَّ الْقَاضِيَ هَا هُنَا وَلِيٌّ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَتَهُ قَدْ تَزَوَّجَتْ فَأَجَازَ ذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): كُلُّ نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا».

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَأَعْلَنَ الْمَهْرَ وَقَدْ كَانَ أَسَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَهْرًا وَأَشْهَدَ شُهُودًا عَلَيْهِ وَأَعْلَمَ الشُّهُودَ أَنَّ الْمَهْرَ الَّذِي يُظْهِرُهُ فَهُوَ كَذَا وَكَذَا سُمْعَةً يُسْمِعُ بِهَا لِقَوْمٍ وَأَنَّ أَصْلَ الْمَهْرِ هُوَ كَذَا وَكَذَا الَّذِي فِي السِّرِّ ثُمَّ تَزَوَّجَ فَأَعْلَنَ الَّذِي قَالَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: الْمَهْرُ هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَهْرُ الَّذِي فِي السِّرِّ وَالسُّمْعَةُ بَاطِلٌ الَّذِي أَظْهَرَ لِلْقَوْمِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: السُّمْعَةُ هِيَ الْمَهْرُ وَاَلَّذِي أَسَرَّ بَاطِلٌ أَبُو يُوسُفَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: إذَا أَسَرَّ الرَّجُلُ مَهْرًا وَأَعْلَنَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أُخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ شُرَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ مِثْلُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِمَهْرٍ عَلَانِيَةً وَأَسَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَهْرًا أَقَلَّ مِنْهُ فَالْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الْمَهْرَيْنِ وَاحِدًا فَيُثْبِتُونَ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالزَّوْجَ عَقَدَا النِّكَاحَ عَلَيْهِ وَأَعْلَنَا الْخِطْبَةَ بِمَهْرٍ غَيْرَهُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>