للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ مُخْتَلِفَةً فَلَمْ نَرَ لَهُ فِي هَذَا حُجَّةً وَقُلْنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عَلَى مِنْبَرٍ إلَّا مَجْبُورًا كَمَا وَصَفْنَا. .

كِتَابُ الْعِتْقِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَبْطَلْنَا بِهِ الِاسْتِسْعَاءَ وَشَرَكْنَا الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِلْعَبْدِ مُفْلِسًا وَخَالَفَنَا فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَوَهَّنَهُ بِأَنْ قَالَ: رَوَاهُ سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ أَيُّوبُ وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ نَافِعٌ بِرَأْيِهِ وَوَهَّنَهُ بِأَنْ قَالَ: حَدِيثٌ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَحْدَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُهُ، وَعَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الِاسْتِسْعَاءُ وَوَهَّنَهُ بِأَنْ قَالَ: لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ مَا يُوَافِقُهُ بَلْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ خِلَافَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكَانَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْهِ أَنَّ سَالِمًا وَإِنْ لَمْ يَرْوِهِ فَنَافِعٌ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَيُّوبَ رُبَّمَا قَالَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ إذَا قَالَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ حُجَّةٌ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالْحُفَّاظُ يَرَوْنَهُ لَا يُخَالِفُ حَدِيثَنَا، وَغَيْرُهُمْ يَرَوْنَهُ يُخَالِفُ حَدِيثَنَا وَلَوْ خَالَفَهُ كَانَ حَدِيثُنَا أَثْبَتَ مِنْهُ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ يُخَالِفُ حَدِيثَنَا لَا يَثْبُتُ، وَلَا يَرْوِيهِ الْحُفَّاظُ يُخَالِفُ حَدِيثَنَا، وَإِذَا كَانَتْ لَنَا الْحُجَّةُ بِهَذَا عَلَى مَنْ خَالَفَنَا فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُلْزِمَ أَنْفُسَنَا فِي الْحَدِيثِ كُلِّهِ وَأَنْ نَسْتَغْنِيَ بِخَبَرِ الصَّادِقِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ مَا يُوَافِقُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَأَدْخَلُوا عَلَيْنَا فِيهِ أَنَّ عَبْدًا يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ عَبْدًا فَلَا يَكُونُ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ أَنْ يَرِثَ وَلَا يُوَرِّثَ، وَتَكُونُ حُقُوقُ الْحُرِّيَّةِ كُلُّهَا فِيهِ مُعَطَّلَةً إلَّا أَنَّهُ يَتْرُكُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمِهِ فَيُمْنَعُ أَنْ يَهَبَ مَالَهُ فَقُلْنَا: لَا نَتْرُكُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَدْخُلَهُ مِنْ الْقِيَاسِ مَا وَصَفْتَ، وَلَا أَكْثَرُ وَلَا مَوْضِعَ لِلْقِيَاسِ مَعَ السُّنَّةِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: قَدْ فَهِمْت مَا كَتَبْت مِمَّا أَخَذْت وَأَخَذْنَا بِهِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ وَوَجَدْت فِيهَا مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّا ثَبَتْنَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لَمْ تَأْتِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ شَيْءٌ يُوَافِقُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ وَوَجَدْنَا فِيهِ مَا نُثْبِتُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ عَنْ بَعْضِ خُلَفَائِهِ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ فَذَهَبْنَا إلَى الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكْنَا مَا خَالَفَهُ فِي الْقَسَامَةِ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ فِي الْقَسَامَةِ خِلَافَ مَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ صِرْنَا إلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ فِي الضِّرْسِ وَغَيْرِهَا وَذَهَبْنَا إلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا رَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي أَشْيَاءَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: أَفَتُبَيِّنُ لِي أَنَّا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا ثُمَّ تَرَكْنَاهُ لِغَيْرِهِ؟ فَقَالَ: كَثِيرٌ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا حُجَّةُ فِعْلِ هَذَا؟ فَقَالَ: قَدْ جَهَدْت أَنْ أَجِدَ لَكُمْ شَيْئًا يَكُونُ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>