للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَاحُهُ أَنْ تَرَى فِيهِ الْحُمْرَةَ أَوْ الصُّفْرَةَ لِأَنَّ الْآفَةَ قَدْ تَأْتِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ يَجِدُ بُسْرًا وَهُوَ فِي الْحَالِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا ظَاهِرٌ يَرَاهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي كَمَا كَانَا يَرَيَانِهِ إذَا رُئِيَتْ فِيهِ الْحُمْرَةُ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ مَعْنَى أَنَّ الْآفَةَ رُبَّمَا كَانَتْ فَقَطَعَتْهُ أَوْ نَقَصَتْهُ كَانَتْ كُلُّ ثَمَرَةٍ مِثْلَهُ لَا يَحِلُّ أَنْ تُبَاعَ أَبَدًا حَتَّى تُزْهَى وَتُنْضَجَ مِنْهَا ذَلِكَ وَبِهَذَا قُلْنَا وَقَدْ قُلْتُمْ بِالْجُمْلَةِ وَقُلْنَا: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْقِثَّاءِ وَلَا الْخِرْبِزِ وَإِنْ ظَهَرَ وَعَظُمَ حَتَّى يُرَى فِيهِ النُّضْجُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقُلْنَا: فَإِذَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ حَتَّى يُرَى فِيهِ النُّضْجُ كَانَ بَيْعُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ أَحْرَمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَمْ يُخْلَقْ وَلَا يُدْرَى لَعَلَّهُ لَا يَكُونُ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ إذَا ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ الْقِثَّاءِ حَلَّ أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَتُهُ تِلْكَ وَمَا خَلَقَ مِنْ الْقِثَّاءِ مَا نَبَتَ أَصْلُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» فَلِمَ أَجَزْتُمْ بَيْعَ شَيْءٍ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ؟ «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» وَبَيْعُ السِّنِينَ بَيْعُ الثَّمَرِ سِنِينَ فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي النَّخْلِ إذَا طَابَتْ الْعَامَ أَنَّ ثَمَرَتَهُ قَابِلًا فَقَدْ خَالَفْتُمْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ بَيْعَ ثَمَرَةٍ لَمْ تَأْتِ لَا يَحِلُّ فَكَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولُوا فِي الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْفُجْلِ يُشْتَرَى أَيَكُونُ لِمُشْتَرِيهِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَالَ: لَا وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ كَمَا قُلْت: لَا يُبَاعُ حَتَّى يُقْبَضَ وَلَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): هَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ فِي بَعْضِ الْقَوْلِ قُلْت وَمِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يُقْبَضَ وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَهَذَا فِي حُكْمِ الطَّعَامِ مِنْ التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ وَهَذَا خِلَافُ حُكْمِ الطَّعَامِ وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إمَّا أَنْ تَكُونَ خَارِجَةً مِنْ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ عِنْدَكُمْ أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ وَيُبَاعَ مِنْهَا وَاحِدٌ بِعَشَرَةٍ مِنْ صِنْفِهِ نَسِيئَةً أَوْ تَكُونَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِي الصِّنْفِ مِنْهَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ صِنْفِهِ يَدًا بِيَدٍ. .

بَابُ مَا جَاءَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ

سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الرَّجُلِ يَقْتُلُ الْكَلْبَ لِلرَّجُلِ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغْيِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا أَكْرَهُ بَيْعَ الْكِلَابِ الضَّوَارِي وَغَيْرِ الضَّوَارِي لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): نَحْنُ نُجِيزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذَ الْكِلَابَ الضَّوَارِيَ وَلَا نُجِيزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا حَرَّمْنَا ثَمَنَهَا فِي الْحَالِ الَّتِي يَحِلُّ اتِّخَاذُهَا فِيهِ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَنٌ بِحَالٍ قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ كَلْبًا غَرِمَ لَهُ ثَمَنَهُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا خِلَافُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَخِلَافُ أَصْلِ قَوْلِكُمْ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُغَرِّمُوهُ ثَمَنَهُ فِي الْحَالِ الَّتِي تَفُوتُ فِيهَا نَفْسُهُ وَأَنْتُمْ لَا تَجْعَلُونَ لَهُ ثَمَنًا فِي الْحَالِ الَّتِي يَحِلُّ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ فِيهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ مِنْ الْمَشْرِقِيِّينَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ فَفِيهِ ثَمَنُهُ وَيُرْوَى فِيهِ أَثَرٌ فَأُولَئِكَ يُجِيزُونَ بَيْعَهُ حَيًّا وَيَرُدُّونَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِهِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْكَلْبَ سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ يَحِلُّ ثَمَنُهُ كَمَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْحِمَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>