للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي الْمَفْقُودِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَنْتَظِرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ: وَالْحَدِيثُ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ مِثْلُ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ وَزِيَادَةٌ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدِمَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخِرُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخِرُ فَالْأَوَّلُ الْمَفْقُودُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالْمَهْرِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي الْمَفْقُودِ قَالَ بِهَذَا كُلِّهِ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مَعًا فَتَزْعُمُونَ أَنَّهَا إذَا نَكَحَتْ لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ فِيهَا خِيَارٌ هِيَ مِنْ الْآخِرِ، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ صَاحِبَنَا قَالَ: أَدْرَكْت مَنْ يُنْكِرُ مَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ عُمَرَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُنْكِرُ قَضِيَّةَ عُمَرَ كُلَّهَا فِي الْمَفْقُودِ وَيَقُولُ هَذَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ فَهَلْ كَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الثِّقَاتِ إذَا حَمَلُوا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ لَمْ يُتَّهَمُوا فَكَذَلِكَ الْحُجَّةُ عَلَيْك وَكَيْفَ جَازَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَاتُ عَنْ عُمَرَ حَدِيثًا وَاحِدًا فَتَأْخُذَ بِبَعْضِهِ وَتَدَعَ بَعْضًا أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَك قَائِلٌ: آخُذُ بِاَلَّذِي تَرَكْت مِنْهُ وَأَتْرُكُ الَّذِي أَخَذْت بِهِ هَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ غَايَةً يَنْتَهِي إلَيْهَا أَخَذَ بِقَوْلِهِ كَمَا قَالَ: فَأَمَّا قَوْلُك فَإِنَّمَا جَعَلْت الْغَايَةَ فِي نَفْسِك لَا فِيمَنْ رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ فَهَكَذَا الْحُجَّةُ عَلَيْك لِأَنَّك تَرَكْت بَعْضَ قَضِيَّةِ عُمَرَ وَأَخَذْت بِبَعْضِهَا (قَالَ الرَّبِيعُ): لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ حَتَّى يَأْتِيَ يَقِينُ مَوْتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} فَجَعَلَ عَلَى الْمُتَوَفَّى عِدَّةً، وَكَذَلِكَ جَعَلَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ عِدَّةً لَمْ يُبِحْهَا إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ وَهِيَ مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْقُرُ عِنْدَ عَجُزِ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُخَيِّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا يَنْصَرِفْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الطَّهَارَةِ فَلَا تَزُولُ الطَّهَارَةُ إلَّا بِيَقِينِ الْحَدَثِ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَهَا زَوْجٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُولُ قَيْدُ نِكَاحِهَا بِالشَّكِّ وَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهَذَا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

بَابٌ فِي الزَّكَاةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْل الشَّامِ قَالُوا لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: خُذْ مِنَّا مِنْ خَيْلِنَا وَمِنْ رَقِيقِنَا صَدَقَةً فَأَبَى ثُمَّ كَتَبَ إلَى عُمَرَ فَأَبَى ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا مِنْهُمْ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي رُدَّهَا إلَى فُقَرَائِهِمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ فِي الْفَرَسِ شَاتَانِ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ لَا تُؤْخَذُ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَدْ رَوَيْتُمْ وَرَوَى غَيْرُكُمْ عَنْ عُمَرَ هَذَا فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَكْتُمُوهُ لِشَيْءٍ رَوَيْتُمُوهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا فِي كُلِّ مَنْ رَوَى عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا يُخَالِفُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَإِنَّكُمْ لَتُخَالِفُونَ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا هُوَ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا وَتَعْمَلُونَ فِيهِ بِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ لَا يَقُولُ قَوْلًا يُخَالِفُهُ وَتَقُولُونَ لَا يَخْفَى عَلَى الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِهِ قَوْلُهُ ثُمَّ يَأْتِي مَوْضِعٌ آخَرُ فَيَخْتَلِفُ كَلَامُكُمْ وَلَوْ شَاءَ رَجُلٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ صَدَقَةٌ» إذَا كَانَ فَرَسُهُ مَرْبُوطًا

<<  <  ج: ص:  >  >>