للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّهِ عَلَى اللَّهِ كَمَا زَعَمْت فَذَكَرْت أَشْيَاءَ تَلْزَمُهُ عِنْدِي سِوَى هَذَا فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ دَعْ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا وَعِنْدَنَا أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِمَّا أَدْخَلْت عَلَيْهِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ كُلِّهِ قَالَ فَأَنَا أُحَدِّثُ لَك غَيْرَ مَا قَالَ قُلْت فَاذْكُرْهُ قَالَ الْعِلْمُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا نَقَلَتْهُ عَامَّةٌ عَنْ عَامَّةٍ أَشْهَدُ بِهِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ مِثْلَ جُمَلِ الْفَرَائِضِ قُلْت هَذَا الْعِلْمُ الْمُقَدَّمُ الَّذِي لَا يُنَازِعُك فِيهِ أَحَدٌ.

وَمِنْهَا كِتَابٌ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ فَإِذَا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَامِّهِ لَا يُصْرَفُ إلَى بَاطِنٍ أَبَدًا وَإِنْ احْتَمَلَهُ إلَّا بِإِجْمَاعٍ مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ فَإِذَا تَفَرَّقُوا فَهُوَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ وَمِنْهَا مَا اجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَحَكَوْا عَمَّنْ قَبْلَهُمْ الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا هَذَا بِكِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ فَقَدْ يَقُومُ عِنْدِي مَقَامَ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَهُمْ لَا يَكُونُ عَنْ رَأْيٍ لِأَنَّ الرَّأْيَ إذَا كَانَ تَفَرَّقَ فِيهِ قُلْت فَصِفْ لِي مَا بَعْدَهُ قَالَ وَمِنْهَا عِلْمُ الْخَاصَّةِ وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِعِلْمِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَكُونَ نَقْلُهُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُؤْمَنُ فِيهِ الْغَلَطُ

، ثُمَّ آخِرُ هَذَا الْقِيَاسُ، وَلَا يُقَاسُ مِنْهُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ مُبْتَدَؤُهُ وَمَصْدَرُهُ وَمَصْرِفُهُ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَبْتَدِئَ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ سَوَاءٌ، فَيَكُونَ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ. وَلَا يَسَعُ التَّفَرُّقُ فِي شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْت مِنْ سَبِيلِ الْعِلْمِ وَالْأَشْيَاءُ عَلَى أُصُولِهَا حَتَّى تَجْتَمِعَ الْعَامَّةُ عَلَى إزَالَتِهَا عَنْ أُصُولِهَا وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخَطَأُ قَالَ فَقُلْت أَمَّا مَا ذَكَرْت مِنْ الْعِلْمِ الْأَوَّلِ مِنْ نَقْلِ الْعَوَامّ عَنْ الْعَوَامّ فَكَمَا قُلْت أَفَرَأَيْت الثَّانِيَ الَّذِي قُلْت لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَوَامُّ بَلْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ وَتَحْكِي عَمَّنْ قَبْلَهَا الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ أَتَعْرِفُهُ فَتَصِفُهُ أَوْ تَعْرِفُ الْعَوَامَّ الَّذِينَ يَنْقُلُونَ عَنْ الْعَوَامّ أَهُمْ كَمَنْ قُلْت فِي جُمَلِ الْفَرَائِضِ فَأُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ وَمَنْ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ وَلَا نَجِدُ أَحَدًا بَالِغًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ يَشُكُّ أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ أَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعٌ أَمْ هُوَ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ بَلْ هُوَ وَجْهٌ غَيْرُ هَذَا قُلْت فَصِفْهُ قَالَ هَذَا إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ دُونَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ بِالْعِلْمِ دُونَهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا قَامَتْ بِهِمْ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَإِذَا افْتَرَقُوا لَمْ تَقُمْ بِهِمْ عَلَى أَحَدٍ حُجَّةٌ وَكَانَ الْحَقُّ فِيمَا تَفَرَّقُوا فِيهِ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْقِيَاسِ عَلَى مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَأَيَّ حَالٍ وَجَدْتهمْ بِهَا؟ دَلَّتْنِي عَلَى حَالِ مَنْ قَبْلَهُمْ إنْ كَانُوا مُجْتَمَعِينَ مِنْ جِهَةٍ عَلِمْت أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُجْتَمِعُونَ مِنْ كُلِّ قَرْنٍ لِأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ مِنْ جِهَةٍ.

فَإِنْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ عَلِمْت أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ مِنْ كُلِّ قَرْنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ خَبَرٍ يَحْكُونَهُ أَوْ غَيْرِ خَبَرِ لِلِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ إلَّا بِخَبَرٍ لَازِمٍ وَسَوَاءٌ إذَا تَفَرَّقُوا حَكَوْا خَبَرًا بِمَا وَافَقَ بَعْضَهُمْ أَوْ لَمْ يَحْكُوهُ لِأَنِّي لَا أَقْبَلُ مِنْ أَخْبَارِهِمْ إلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِهِ فَأَمَّا مَا تَفَرَّقُوا فِي قَبُولِهِ فَإِنَّ الْغَلَطَ يُمْكِنُ فِيهِ فَلَمْ تَقُمْ حُجَّةٌ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْغَلَطُ قَالَ فَقُلْت لَهُ هَذَا تَجْوِيزُ إبْطَالِ الْأَخْبَارِ وَإِثْبَاتُ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّك زَعَمْت أَنَّ إجْمَاعَهُمْ حُجَّةٌ كَانَ فِيهِ خَبَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَأَنَّ افْتِرَاقَهُمْ غَيْرُ حُجَّةٍ كَانَ فِيهِ خَبَرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَقُلْت لَهُ: وَمَنْ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِي إذَا أَجْمَعُوا قَامَتْ بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةٌ؟ قَالَ هُمْ مَنْ نَصَّبَهُ أَهْلُ بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَقِيهًا رَضُوا قَوْلَهُ وَقَبِلُوا حُكْمَهُ قُلْت فَمِثْلُ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ إذَا أَجْمَعُوا كَانُوا حُجَّةً أَرَأَيْت إنْ كَانُوا عَشَرَةً فَغَابَ وَاحِدٌ أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَتَجْعَلُ التِّسْعَةَ إذَا اجْتَمَعُوا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ حُجَّةً؟ قَالَ، فَإِنْ قُلْت لَا؟ قُلْت أَفَرَأَيْت إنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ أَيَكُونُ لِلتِّسْعَةِ أَنْ يَقُولُوا؟ قَالَ، فَإِنْ قُلْت نَعَمْ؟، وَكَذَا لَوْ مَاتَ خَمْسَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَقُولَ؟ قَالَ، فَإِنْ قُلْت لَا قُلْت فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْت فِيهِ كَانَ مُتَنَاقِضًا قَالَ فَدَعْ هَذَا قُلْت فَقَدْ وَجَدْت أَهْلَ الْكَلَامِ مُنْتَشِرِينَ فِي أَكْثَرِ الْبُلْدَانِ فَوَجَدْت كُلَّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ تُنَصِّبُ مِنْهَا مَنْ تَنْتَهِي إلَى قَوْلِهِ وَتَضَعُهُ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَصَفْت أَيَدْخُلُونَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>