للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الصَّوْمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَنَجِدُ الصَّوْمَ فَرْضًا بِوَقْتٍ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ بِوَقْتٍ ثُمَّ نَجِدُ الصَّوْمَ مُرَخَّصًا فِيهِ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَدَعَهُ وَهُوَ مُطِيقٌ لَهُ فِي وَقْتِهِ

، ثُمَّ يَقْضِيه بَعْدَ وَقْتِهِ وَلَيْسَ هَكَذَا الصَّلَاةُ لَا يُرَخَّصُ فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا إلَى يَوْمٍ غَيْرِهِ وَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَنْ يَقْصُرَ مِنْ الصَّوْمِ شَيْئًا كَمَا يُرَخَّصُ فِي أَنْ يَقْصُرَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَكُونُ صَوْمُهُ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ حَالَاتِهِ فِي الْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ وَنَجِدُهُ إذَا جَامَعَ فِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ وَاجِدٌ أَعْتَقَ وَإِذَا جَامَعَ فِي الْحَجِّ نَحَرَ بَدَنَةً وَإِنْ جَامَعَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَغْفَرَ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَالْجِمَاعُ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ كُلِّهَا مُحَرَّمٌ

، ثُمَّ يَكُونُ جِمَاعٌ كَثِيرٌ مُحَرَّمٌ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ كَفَّارَةٌ ثُمَّ نَجِدُهُ يُجَامِعُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فِي قَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَنَجِدُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْحَائِضَ لَا صَوْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا صَلَاةَ فَإِذَا أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَطَهُرَتْ الْحَائِضُ فَعَلَيْهِمَا قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْ الصَّوْمِ فِي أَيَّامِ إغْمَاءِ هَذَا وَحَيْضِ هَذِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِ أَحَدٍ وَلَا عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِنَا.

وَوَجَدْت الْحَجَّ فَرْضًا عَلَى خَاصٍّ وَهُوَ مَنْ وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا

، ثُمَّ وَجَدْت الْحَجَّ يُجَامِعُ الصَّلَاةَ فِي شَيْءٍ وَيُخَالِفُهَا فِي غَيْرِهِ فَأَمَّا مَا يُخَالِفُهَا فِيهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ يَحِلُّ لَهُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ لَابِسًا لِلثِّيَابِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، وَيَحِلُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَكُونَ مُتَكَلِّمًا عَامِدًا، وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِلْمُصَلِّي، وَيُفْسِدُ الْمَرْءُ صَلَاتَهُ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ فِيهَا وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاةً غَيْرَهَا بَدَلًا مِنْهَا وَلَا يُكَفِّرُ وَيَفْسُدُ حَجُّهُ فَيَمْضِي فِيهِ فَاسِدًا لَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ

، ثُمَّ يُبَدِّلُهُ وَيَفْتَدِي وَالْحَجُّ فِي وَقْتٍ وَالصَّلَاةُ فِي وَقْتٍ، فَإِنْ أَخْطَأَ رَجُلٌ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ الْحَجُّ

، ثُمَّ وَجَدْتهمَا مَأْمُورَيْنِ بِأَنْ يَدْخُلَ الْمُصَلِّي فِي وَقْتٍ، فَإِنْ دَخَلَ الْمُصَلِّي قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ تَجُزْ عَنْهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ دَخَلَ الْحَاجُّ قَبْلَ الْوَقْتِ أَجْزَأَ عَنْهُ حَجُّهُ وَوَجَدْت لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا فَوَجَدْت أَوَّلَهَا التَّكْبِيرَ وَآخِرَهَا التَّسْلِيمَ وَوَجَدْته إذَا عَمِلَ مَا يُفْسِدُهَا فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا أَفْسَدَهَا كُلَّهَا وَوَجَدْت لِلْحَجِّ أَوَّلًا وَآخِرًا ثُمَّ أَجْزَأَ بَعْدَهُ فَأَوَّلُهُ الْإِحْرَامُ ثُمَّ آخِرُ أَجْزَائِهِ الرَّمْيُ وَالْحِلَاقُ وَالنَّحْرُ فَإِذَا فَعَلَ هَذَا خَرَجَ مِنْ جَمِيعِ إحْرَامِهِ فِي قَوْلِنَا وَدَلَالَةِ السُّنَّةِ إلَّا مِنْ النِّسَاءِ خَاصَّةً وَفِي قَوْلِ غَيْرِنَا إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَالصَّيْدِ

، ثُمَّ وَجَدْته فِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا أَصَابَ النِّسَاءَ قَبْلَ يَحْلِلْنَ لَهُ نَحَرَ بَدَنَةً وَلَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا لِحَجِّهِ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ النِّسَاءَ حَتَّى يَطُوفَ حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ وَكُلُّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ الْحَجُّ مَعْكُوفًا عَلَى نُسُكِهِ مِنْ حَجِّهِ مِنْ الْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْوَدَاعِ يَعْمَلُ هَذَا حَلَالًا خَارِجًا مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَهُوَ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الصَّلَاةِ إلَّا وَإِحْرَامُ الصَّلَاةِ قَائِمٌ عَلَيْهِ وَوَجَدْته مَأْمُورًا فِي الْحَجِّ بِأَشْيَاءَ إذَا تَرَكَهَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا الْبَدَلُ بِالْكَفَّارَةِ مِنْ الدِّمَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ وَحَجَّةٍ وَمَأْمُورًا فِي الصَّلَاةِ بِأَشْيَاءَ لَا تَعْدُو وَاحِدًا مِنْ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَارِكًا لِشَيْءٍ مِنْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا تَجْزِيه كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا إلَّا اسْتِئْنَافَ الصَّلَاةِ أَوْ يَكُونُ إذَا تَرَكَ شَيْئًا مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ صُلْبِ الصَّلَاةِ كَانَ تَارِكًا لِفَضْلٍ وَالصَّلَاةُ مُجْزِيَةٌ عَنْهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ

، ثُمَّ لِلْحَجِّ وَقْتٌ آخَرُ وَهُوَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ بَعْدَ النَّحْرِ الَّذِي يَحِلُّ لَهُ بِهِ النِّسَاءُ

، ثُمَّ لِهَذَا آخَرُ وَهُوَ النَّفْرُ مِنْ مِنًى

، ثُمَّ الْوَدَاعُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي النَّفْرِ إنْ أَحَبَّ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ وَإِنْ أَحَبَّ تَأَخَّرَ.

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ إلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا مُنْقَطِعٌ وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِقْهَ طَاوُسٍ وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى مَا وَصَفْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» وَلَمْ يَقُلْ لَا تُمْسِكُوا عَنِّي بَلْ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُمْسَكَ عَنْهُ وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>