للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخْطَبَ وَإِذَا رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَبَدَا لَهَا وَأُمِرَتْ بِأَنْ تَنْكِحَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَخْطُبَ فِي الْحَالِ الَّتِي لَوْ زَوَّجَهَا فِيهَا الْوَلِيُّ جَازَ نِكَاحُهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ حَالَهَا إذَا كَانَتْ بَعْدَ أَنْ تَرْكَنَ بِنَعَمْ مُخَالِفَةٌ حَالَهَا بَعْدَ الْخِطْبَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَرْكَنَ فَكَذَلِكَ حَالُهَا حِينَ خُطِبَتْ قَبْلَ الرُّكُونِ مُخَالِفَةٌ حَالَهَا قَبْلَ أَنْ تَخْطُبَ، وَكَذَلِكَ إذَا أُعِيدَتْ عَلَيْهَا الْخِطْبَةُ وَقَدْ كَانَتْ امْتَنَعَتْ فَسَكَتَتْ وَالسُّكَاتُ قَدْ لَا يَكُونُ رِضًا فَلَيْسَ هَهُنَا قَوْلٌ يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إلَّا مَا ذَكَرْت بِالِاسْتِدْلَالِ وَلَوْلَا الدَّلَالَةُ بِالسُّنَّةِ كَانَتْ إذَا خُطِبَتْ حُرِّمَتْ عَلَى غَيْرِ خَاطِبِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَخْطُبَهَا حَتَّى يَتْرُكَهَا الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ

، ثُمَّ يَتَفَرَّقُ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى وَجْهَيْنِ فَكُلُّ مَا نَهَى عَنْهُ مِمَّا كَانَ مَمْنُوعًا إلَّا بِحَادِثٍ يَحْدُثُ فِيهِ يُحِلُّهُ فَأَحْدَثَ الرَّجُلُ فِيهِ حَادِثًا مَنْهِيًّا عَنْهُ لَمْ يُحِلَّهُ وَكَانَ عَلَى أَصْلِ تَحْرِيمِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُحِلُّهُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَنَّ النِّسَاءَ مَمْنُوعَاتٌ مِنْ الرِّجَالِ إلَّا بِأَنْ يَمْلِكَ الرَّجُلُ مَالَ الرَّجُلِ بِمَا يَحِلُّ مِنْ بَيْعِ أَوْ هِبَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّ النِّسَاءَ مُحَرَّمَاتٌ إلَّا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ صَحِيحٍ فَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شِرَاءً مَنْهِيًّا عَنْهُ فَالتَّحْرِيمُ فِيمَا اشْتَرَى قَائِمٌ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَحِلُّ مِنْهُ وَلَا يَحِلُّ الْمُحَرَّمُ، وَكَذَلِكَ إذَا نَكَحَ نِكَاحًا مَنْهِيًّا عَنْهُ لَمْ تَحِلَّ الْمَرْأَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَنْهُ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ فِي مِلْكِي أَوْ شَيْءٍ مُبَاحٍ لِي لَيْسَ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ فَذَلِكَ نَهْيُ اخْتِيَارٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ نَرْتَكِبَهُ فَإِذَا عَمَدَ فِعْلَ ذَلِكَ أَحَدٌ كَانَ عَاصِيًا بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ وَلَا يَحْرُمُ مَا لَهُ وَلَا مَا كَانَ مُبَاحًا لَهُ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْآكِلَ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيه وَلَا يَأْكُلَ مِنْ رَأْسِ الثَّرِيدِ وَلَا يُعَرِّسَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ أَكَلَ مِمَّا لَا يَلِيهِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الطَّعَامِ أَوْ عَرَّسَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَثِمَ بِالْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ طَعَامٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ الطَّعَامَ غَيْرُ الْفِعْلِ وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَحِلُّ لَهُ بِهِ الطَّعَامُ كَانَ حَلَالًا فَلَا يَحْرُمُ الْحَلَالُ عَلَيْهِ بِأَنْ عَصَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْأَكْلُ وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ التَّعْرِيسِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ.

الطَّرِيقُ لَهُ مُبَاحٌ وَهُوَ عَاصٍ بِالتَّعْرِيسِ عَلَى الطَّرِيقِ وَمَعْصِيَتُهُ لَا تُحَرِّمُ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا قُلْت يَكُونُ فِيهَا عَاصِيًا إذَا قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَى الرَّجُلِ بِأَنَّهُ كَانَ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>