للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَارِسٌ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ إلَّا سَهْمُ رَاجِلٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيوَانٌ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ وَتَتَابَعَ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ حُجَّةٌ وَنَحْنُ أَيْضًا نُسْهِمُ لِلْفَارِسِ كَمَا قَالَ فَهَلْ عِنْدَهُ أَثَرٌ مُسْنَدٌ عَنْ الثِّقَاتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ سَهْمَ فَارِسٍ لِرَجُلٍ غَزَا مَعَهُ رَاجِلًا ثُمَّ اسْتَعَارَ أَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فَقَاتَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَيُفَسِّرُهَا هَكَذَا وَعَلَيْهِ فِي هَذَا أَشْيَاءُ أَرَأَيْت لَوْ قَاتَلَ عَلَيْهِ بَعْضَ يَوْمٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ سَاعَةً أَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُضْرَبُ لَهُمْ بِسَهْمِ فَرَسٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَرَسٌ وَاحِدٌ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ وَإِنَّمَا تُوضَعُ الْأُمُورُ عَلَى مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْجُنْدُ فَمَنْ دَخَلَ فَارِسًا أَرْضَ الْحَرْبِ فَهُوَ فَارِسٌ وَمَنْ دَخَلَ رَاجِلًا فَهُوَ رَاجِلٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الدَّوَاوِينُ مُنْذُ زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى يَوْمِك هَذَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الْقَوْلُ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَدْ زَعَمَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّ السُّنَّةَ جَرَتْ عَلَى مَا قَالَ وَعَابَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ أَنْ يَقُولَ قَدْ جَرَتْ السُّنَّةُ بِغَيْرِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ مُفَسِّرَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا بِغَيْرِ رِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ وَلَا خَبَرٍ ثَابِتٍ ثُمَّ قَالَ الْأَمْرُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الدِّيوَانُ مُنْذُ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ لَا يُخَالِفُ فِي أَنَّ الدِّيوَانَ مُحْدَثٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دِيوَانٌ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَبِي بَكْرٍ وَلَا صَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا دَوَّنَ الدِّيوَانَ حِينَ كَثُرَ الْمَالَ وَالسُّنَّةُ إنَّمَا تَكُونُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ بِسَهْمٍ فَهَذَا الدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُسْهَمُ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرُ الْقِتَالِ فَارِسًا فَكَيْفَ يُعْطَى بِفَرَسِهِ مَا لَا يُعْطَى بِبَدَنِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ قَاتَلَ هَذَا عَلَيْهِ يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا أَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ سَهْمَ فَارِسٍ فَلَا يُعْطَى بِفَرَسٍ فِي مَوْضِعَيْنِ كَمَا لَا يُعْطَى لَوْ قَاتَلَ فِي مَوْضِعَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَنِيمَةً فَلَا يُعْطَى بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَالسَّهْمُ لِلْفَارِسِ الْمَالِكِ لَا لِمَنْ اسْتَعَارَ الْفَرَسَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ فَارِسًا الْقِتَالَ وَلَوْ بَعَّضْنَا بَيْنَهُمْ سَهْمَ الْفَرَسِ مَا زِدْنَاهُ عَلَى سَهْمِ فَرَسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ أَسْهَمْنَا لِلرَّاجِلِ وَمَاتَ لَمْ نَزِدْ وَرَثَتَهُ عَلَى سَهْمٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرَجَ سَهْمُهُ إلَى بَعِيرٍ اقْتَسَمُوهُ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَهُ إنِّي إنَّمَا أَسْهَمْت لِلْفَارِسِ إذَا دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ فَارِسًا لِلْمُؤْنَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ قُلْنَا فَمَا تَقُولُ إنْ اشْتَرَى فَرَسًا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِ الدِّيوَانُ فِي أَدْنَى بِلَادِ الْحَرْبِ بِسَاعَةٍ؟ قَالَ يَكُونُ فَارِسًا إذَا ثَبَتَ فِي الدِّيوَانِ قُلْنَا فَمَا تَقُولُ فِي خُرَاسَانِيٍّ أَوْ يَمَانِيٍّ قَادَ فَرَسًا مِنْ بِلَادِهِ حَتَّى أَتَى بِلَادَ الْعَدُوِّ فَمَاتَ فَرَسُهُ قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ الدَّعْوَةُ إلَيْهِ؟ قَالَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ سَهْمُ فَرَسٍ؟ قُلْنَا فَقَدْ أَبْطَلْت مُؤْنَةَ هَذَيْنِ فِي الْفَرَسِ وَهَذَانِ أَكْثَرُ مُؤْنَةً مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ الدِّيوَانِ بِسَاعَةٍ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ يُقْتَلُ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ فِي الْغَنِيمَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ «أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ بِخَيْبَرَ» فَاجْتَمَعَتْ أَئِمَّةُ الْهَدْيِ عَلَى الْإِسْهَامِ لِمَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ حَدَّثَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ اُسْتُشْهِدَ مَعَهُ بِسَهْمٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَغَانِمِ قَطُّ وَأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ لِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي غَنِيمَةِ بَدْرٍ وَمَاتَ بِالصَّفْرَاءِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ».

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مَا قَالَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَيْءِ وَغَيْرِهِ حَالٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَقَدْ «أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا فَقَالَ وَأَجْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ وَأَجْرُك قَالَ وَأَسْهَمَ أَيْضًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا فَقَالَ وَأَجْرِي؟ فَقَالَ وَأَجْرُك» وَلَوْ أَنَّ إمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَشْرَكَ قَوْمًا لَمْ يَغْزُوا مَعَ الْجُنْدِ لَمْ يَتَّسِعْ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ مُسِيئًا فِيهِ وَلَيْسَ لِلْأَئِمَّةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>