للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ خَمْسُ نِسْوَةٍ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ تَزَوَّجَ خَمْسَ نِسْوَةٍ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ وَهُنَّ جَمِيعًا وَخَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ: إنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ أَيَّتَهنَّ شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَدْ بَلَغَنَا مِنْ هَذَا مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا شَاذٌّ وَالشَّاذُّ مِنْ الْحَدِيثِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُحِلَّ إلَّا نِكَاحَ الْأَرْبَعِ فَمَا كَانَ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ كُلِّهِ فَحَرَامٌ مِنْ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ فَالْخَامِسَةُ وَنِكَاحُ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَرَامٌ فَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا تَزَوَّجَ أُمًّا وَابْنَتَهَا أَكُنْتُ أَدَعُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ أَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ ثُمَّ أَسْلَمُوا أَكُنْت أَدَعُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَقَدْ دَخَلَ بِالْأُمِّ وَالْبِنْتِ أَوْ بِالْأُخْتَيْنِ فَكَذَلِكَ الْخَمْسُ فِي عُقْدَةٍ وَلَوْ كُنَّ فِي عَقْدٍ مُتَفَرِّقَاتٍ جَازَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ وَفَارَقَ الْآخِرَةَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ نُثْبِتُ الْأَرْبَعَ الْأُوَلَ وَنُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ أَحْسَبُهُ ابْنَ عُلَيَّةَ فَإِنْ لَا يَكُنْ ابْنُ عُلَيَّةَ فَالثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ «نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ وَاحِدَةً فَعَمِدْتُ إلَى عَجُوزٍ أَقْدَمِهِنَّ عَاقِرٍ عِنْدِي مُنْذُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً فَطَلَّقْتهَا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقَالَ لِي قَائِلٌ كَلِّمْنَا عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَأَعْفِنَا مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ قُلْتُ مَا ذَاكَ فَأَفْعَلَ؟ قَالَ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ أَمْسِكْ الْأَوَائِلَ وَفَارِقْ الْأَوَاخِرَ قُلْتُ وَتَجِدُهُ فِي الْحَدِيثِ أَوْ تَجِدُ عَلَيْهِ دَلَالَةً مِنْهُ؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ يَحْتَمِلُهُ قُلْت وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا إنْ كُنَّ شَبَابًا وَفَارِقْ الْعَجَائِزَ أَوْ أَمْسِكْ الْعَجَائِزَ وَفَارِقْ الشَّبَابَ قَالَ قَلَّ كُلُّ كَلَامٍ إلَّا وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ قُلْنَا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ بِخِلَافِ مَا قُلْتُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدِيثٌ كُنْت قَدْ أَخْطَأْت أَصْلَ قَوْلِك قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت فِي النِّكَاحُ شَيْئَانِ عُقْدَةٌ وَتَمَامٌ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تَنْظُرُ فِي الْعُقْدَةِ وَتَنْظُرُ فِي التَّمَامِ فَتَقُولُ أَنْظُرُ كُلَّ نِكَاحٍ مَضَى فِي الشِّرْكِ فَإِنْ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَجَزْتُهُ فَأُجِيزُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ أُجِزْهُ فَأَرُدُّهُ تَرَكْتُ أَصْلَ قَوْلِك قَالَ فَأَنَا أَقُولُهُ وَلَا أَدَعُ أَصْلَ قَوْلِي قُلْت أَفَرَأَيْتَ غَيْلَانَ أَلَيْسَ بِوَثَنِيٍّ وَنِسَاؤُهُ وَثَنِيَّاتٌ وَشُهُودُهُ وَثَنِيُّونَ؟ قَالَ أَجَلْ قُلْت فَلَوْ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فَتَزَوَّجَ بِشُهُودٍ وَثَنِيِّينَ أَوْ وَلِيٍّ وَثَنِيٍّ أَيَجُوزُ نِكَاحُهُ؟ قَالَ لَا قُلْت فَأَحْسَنُ حَالِهِ فِي النِّكَاحِ حَالٌ لَوْ ابْتَدَأَ فِيهَا النِّكَاحَ فِي الْإِسْلَامِ رَدَدْته مَعَ أَنَّا نُرْوَى أَنَّهُمْ قَدْ يَنْكِحُونَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَفِي الْعِدَّةِ وَمَا جَازَ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ أَمَّا مَا قُلْت إنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَنَفْسَخُهُ كُلُّهُ وَنُكَلِّفُهُ بِأَنْ يَبْتَدِئَ النِّكَاحَ فِي الْإِسْلَامِ وَإِمَّا أَنْ لَا تَنْظُرَ إلَى الْعُقْدَةِ وَتَجْعَلَهُ مَعْفُوًّا لَهُمْ كَمَا عُفِيَ لَهُمْ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مِنْ الشِّرْكِ وَالدِّمَاءِ وَالتِّبَاعَاتِ وَتَنْظُرَ إلَى مَا أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ كُنَّ عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ أَمَرْته بِفِرَاقِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ وَإِنْ كُنَّ أُخْتَيْنِ أَمَرْته بِفِرَاقِ إحْدَاهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كُنَّ ذَوَاتِ مَحَارِمَ فَرَّقْت بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فَتَكُونُ قَدْ عَفَوْت الْعُقْدَةَ وَنَظَرْت إلَى مَا أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ مِنْهُنَّ فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَقْرَرْته مَعَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ رَدَدْته كَمَا حَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيمَا أَدْرَكَ مِنْ الْمُحَرَّمِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>