للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرُدَّهُ لَمْ يَجُزْ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ: قَدْ عَفَوْت رُدَّ الْبَيْعُ وَعَفَوْت مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ عُقْرٍ وَقِيمَةِ وَلَدٍ وَقِيمَةِ شَيْءٍ إنْ فَاتَ مِنْ الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَعْفُوهُ كَانَ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ إذَا قَالَ: لَا أَفْعَلُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ كَانَ فِيهِ غَيْرَ جَائِزٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُكَاتَبُ: قَدْ عَفَوْته وَقَالَ السَّيِّدُ: لَا أَعْفُوهُ لَمْ يُجْبَرَا جَمِيعًا عَلَى عَفْوِ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى إحْدَاثِ بَيْعٍ فِيهِ جَازَ بَيْعُهُمَا مُسْتَأْنَفًا، وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ عَتِيقًا، وَلَا أُمُّ الْوَلَدِ فِي حُكْمِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ أَوْ يَبِيعَهُ الْمُكَاتَبُ وَحْدَهُ بَيْعًا جَائِزًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَحْدَثَ الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ عِتْقًا عَتَقَ وَلِأُمِّ الْوَلَدِ وَطْئًا تَلِدُ مِنْهُ كَانَتْ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْجَائِزِ فَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ مَمْلُوكَانِ لِسَيِّدِهِمَا يَبِيعُهُمَا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ ذَلِكَ لَهُمَا مَالِكُهُمَا، وَهَكَذَا كُلُّ مَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي هَذَا لَا يَخْتَلِفُ فَإِذَا ابْتَدَأَ الْمُكَاتَبُ الْبَيْعَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ رَدَّ الْبَيْعِ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ أَوْ أَرَادَاهُ مَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ جَائِزًا فَلَا يُرَدُّ.

وَإِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِالْإِذْنِ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَجَعْت فِي إذْنِي بَعْدُ، وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ أَوْ كَذَّبَهُ فَسَوَاءٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَيَلْزَمُهُمَا الْبَيْعُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِ عَنْ الْإِذْنِ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَ الْمُكَاتَبُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ، وَعَلَى السَّيِّدِ الْيَمِينُ.

وَإِنْ وَهَبَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ فَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَبْتَدِئَهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِذَا ابْتَدَأَهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَتْ كَمَا تَجُوزُ هِبَةُ الْحُرِّ، وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا أَنَّ مَالَ الْمُكَاتَبِ لَا يَكُونُ إلَّا لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعًا عَلَى هِبَتِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ مَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ الْهِبَةِ.

قَالَ: وَشِرَاءُ الْمُكَاتَبِ كَبَيْعِهِ لَا يَخْتَلِفَانِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدَيْ الْمُكَاتَبِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا قُلْنَا فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ جَازَ عَلَيْهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

(قَالَ): وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَمْ يَرُدَّهُ السَّيِّدُ وَسَلَّمَهُ، أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَخْذُهُ مِمَّنْ بَاعَهُ فَإِنْ فَاتَ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ اتِّبَاعُهُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ جَارِيَةً بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَأَحْبَلَهَا أَوْ عَتَقَ فَوَلَدَتْ فَالْبَيْعُ فِيهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا حِينَ وُلِدَ وَوَلَدُهَا حُرٌّ لَا يُمْلَكُ كَمَا كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَهَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ غَيْرَ مُجِيزٍ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ كَانَ مَرْدُودًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ بَاعَ الْمُكَاتَبُ أَوْ اشْتَرَى بَيْعًا وَشِرَاءً جَائِزًا عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ بِالْخِيَارِ أَوْ الْمُكَاتَبَ وَمُبَايِعَهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ فَلَمْ تَمْضِ أَيَّامُ الْخِيَارِ حَتَّى مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَامَ السَّيِّدُ فِي الْخِيَارِ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الْخِيَارُ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِمْضَاءُ الْبَيْعِ.

(قَالَ): وَلَوْ بَاعَ الْمُكَاتَبُ أَوْ اشْتَرَى شِرَاءً جَائِزًا بِلَا شَرْطِ خِيَارٍ فَلَمْ يَتَفَرَّقْ الْمُكَاتَبُ وَبَيِّعُهُ عَنْ مُقَامِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ حَتَّى مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَجَبَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ الرَّدَّ حَتَّى مَاتَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَجَازَ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ فَأُثِيبَ الْوَاهِبُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ هِبَتِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعَ فِي هِبَتِهِ وَجَعَلَهَا كَالرِّضَا مِنْهُمْ يَلْزَمُهُمْ مِنْهُ مَا رَضُوا بِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقَلِيلٍ، وَلَا بِكَثِيرٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَا أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وَلَا كَفَّارَةَ ظِهَارٍ وَلَا قَتْلٍ وَلَا شَيْئًا مِنْ الْكَفَّارَاتِ فِي الْحَجِّ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يُكَفِّرُ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا بِالصَّوْمِ مَا كَانَ مُكَاتَبًا، فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَعْتِقَ جَازَ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>