للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى أَعْلَمُ إطْلَالَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ فَيَتَرَاءَوْنَ مَعًا، وَالْمُسْلِمُونَ فِي غَيْرِ حِصْنٍ حَتَّى يَنَالَهُمْ السِّلَاحُ مِنْ الرَّمْيِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَقْرَبَ الْعَدُوُّ فِيهِ مِنْهُمْ مِنْ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا، وَالْعَدُوُّ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ يَسْتَقِلُّ بَعْضُهُمْ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَكُونَ بَعْضٌ فِي شَبِيهٍ بِحَالٍ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ قَاتَلَتْهُمْ طَائِفَةٌ، وَصَلَّتْ أُخْرَى صَلَاةً غَيْرَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَدُوُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ مُحِيطِينَ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْعَدُوُّ قَلِيلٌ، وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرٌ تَسْتَقِلُّ كُلُّ طَائِفَةٍ، وَلِيَهَا الْعَدُوُّ بِالْعَدْوِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَيْنِ الطَّوَائِفِ الَّتِي يَلِيهَا الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ صَلَّى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَلُونَهُمْ صَلَاةً غَيْرَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَدَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّوْا أَنْ يَدْخُلُوا بَيْنَ الْعَدُوِّ وَبَيْنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي كَانَتْ تَلِي قِتَالَ الْعَدُوِّ حَتَّى يَصِيرَ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ قِتَالَهُمْ فِي مِثْلِ حَالِ هَؤُلَاءِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ فَعَلُوا، وَلَمْ يَجُزْ الَّذِينَ يَلُونَ قِتَالَهُمْ إلَّا أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةً غَيْرَ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْأَرْضِ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَعَذَّرَ هَذَا بِالْتِحَامِ الْحَرْبِ أَوْ خَوْفٍ إنْ وَلَّوْا عَنْهُمْ أَنْ يَرْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ وَيَرَوْهَا هَزِيمَةً أَوْ هَيْبَةِ الطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ بِالدُّخُولِ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْعَدُوِّ أَوْ مَنْعِ الْعَدُوِّ ذَلِكَ لَهَا أَوْ تَضَايُقِ مَدْخَلِهِمْ حَتَّى لَا يُصَلُّوا إلَى أَنْ يَكُونُوا حَائِلِينَ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْعَدُوِّ كَانَ لِلطَّائِفَةِ الَّتِي تَلِيهِمْ أَنْ يُصَلُّوا كَيْفَمَا أَمْكَنَهُمْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، وَقُعُودًا عَلَى دَوَابِّهِمْ مَا كَانَتْ دَوَابُّهُمْ، وَعَلَى الْأَرْضِ قِيَامًا يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ إيمَاءً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ بِبَعْضِ صَلَاتِهِمْ ثُمَّ دَارَ الْعَدُوُّ عَنْ الْقِبْلَةِ دَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إلَيْهِ، وَلَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ صَلَاتَهُمْ إذَا جُعِلَتْ صَلَاتُهُمْ كُلُّهَا مُجْزِئَةً عَنْهُمْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ جَعَلْتهَا مُجْزِئَةً إذَا كَانَ بَعْضُهَا كَذَلِكَ، وَبَعْضُهَا أَقَلَّ مِنْ كُلِّهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا تُجْزِئُهُمْ صَلَاتُهُمْ هَكَذَا إذَا كَانُوا غَيْرَ عَامِلِينَ فِيهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَذَلِكَ الِاسْتِدَارَةُ، وَالتَّحَرُّفُ وَالْمَشْيُ الْقَلِيلُ إلَى الْعَدُوِّ، وَالْمَقَامُ يَقُومُونَهُ فَإِذَا فَعَلُوا هَذَا أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ فَتَرَّسُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ دَنَا بَعْضُهُمْ مِنْهُمْ فَضَرَبَ أَحَدُهُمْ الضَّرْبَةَ بِسِلَاحِهِ أَوْ طَعَنَ الطَّعْنَةَ أَوْ دَفَعَ الْعَدُوَّ بِالشَّيْءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَتْهُ لِلْعَدُوِّ غِرَّةٌ، وَمِنْهُ فُرْصَةٌ فَتَنَاوَلَهُ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَعْنَةٍ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَأَمَّا إنْ تَابَعَ الضَّرْبَ أَوْ الطَّعْنَ أَوْ طَعَنَ طَعْنَةً فَرَدَّدَهَا فِي الْمَطْعُونِ أَوْ عَمَل مَا يَطُولُ فَلَا يَجْزِيهِ صَلَاتُهُ، وَيَمْضِي فِيهَا، وَإِذَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَهَا لَا يَعْمَلُ فِيهَا مَا يَقْطَعُهَا، أَعَادَهَا، وَلَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَدَعُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا خَافَ ذَهَابَ وَقْتِهَا، وَيُصَلِّيهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا عَمَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ كَلِمَةً يُحَذِّرُ بِهَا مُسْلِمًا أَوْ يَسْتَرْهِبُ بِهَا عَدُوًّا وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ، وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا مَتَى أَمْكَنَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ أَمْكَنَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَصَلَّاهَا، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهَا مَا يُفْسِدُهَا أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ صَلَاةُ غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ صَلَّاهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ غَيْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ صَلَّاهَا.

إذَا صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ أَوْ نَازِلًا ثُمَّ رَكِبَ أَوْ صَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَجْهَهُ أَوْ تَقَدَّمَ مِنْ مَوْضِعِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ وَجْهُهُ عَنْ جِهَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ لِأَنَّ النُّزُولَ خَفِيفٌ وَإِنْ انْقَلَبَ وَجْهُهُ عَنْ جِهَتِهِ حَتَّى تَوَلَّى جِهَةَ قَفَاهُ أَعَادَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ قِبْلَتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ طَرَحَتْهُ دَابَّةٌ أَوْ رِيحٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ يُعِدْ إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ مَكَانَهُ حِينَ أَمْكَنَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ نَازِلًا فَرَكِبَ فَقَدْ انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>