للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُجَّةُ عَلَيْك بِأَنْ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا مِنْهُ إلَّا مَا حَلَّ لَهُ مِنْهَا، قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ إذَا مَاتَتْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ سِوَاهَا وَيَنْكِحَ أُخْتَهَا؟ فَقِيلَ لَهُ: الْعِدَّةُ وَالنِّكَاحُ لَيْسَا مِنْ الْغُسْلِ فِي شَيْءٍ، أَرَأَيْت قَوْلَك: يَنْكِحُ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا أَنَّهَا فَارَقَتْ حُكْمَ الْحَيَاةِ، وَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً قَطُّ قِيلَ: نَعَمْ، قِيلَ: فَهُوَ إذَا مَاتَ زَوْجٌ أَوْ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا قَالَ: بَلْ لَيْسَ بِزَوْجٍ قَدْ انْقَطَعَ حُكْمُ الْحَيَاةِ عَنْهُ كَمَا انْقَطَعَ عَنْهَا غَيْرَ أَنَّ عَلَيْهَا مِنْهُ عِدَّةً قُلْنَا: الْعِدَّةُ جُعِلَتْ عَلَيْهَا بِسَبَبٍ لَيْسَ هَذَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ وَلَا يَعْتَدُّ، وَأَنَّهَا تُتَوَفَّى فَيَنْكِحُ أَرْبَعًا؟ وَيُتَوَفَّى فَلَا تَنْكِحُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا دُونَهُ، وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، فِيمَا يَحِلُّ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ صَاحِبٍ، سَوَاءٌ. أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَلَيْسَتْ عَلَيْهَا مِنْهُ عِدَّةٌ؟ قَالَ: بَلَى (قُلْت): فَكَذَلِكَ لَوْ بَانَتْ بِإِيلَاءٍ أَوْ لِعَانٍ؟ قَالَ: بَلَى، قِيلَ: فَإِنْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ، وَهِيَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَتُغَسِّلُهُ؟ قَالَ: لَا.

(قُلْت): وَلِمَ قَدْ زَعَمْت أَنَّ غُسْلَهَا إيَّاهُ دُونَ غُسْلِهِ إيَّاهَا إنَّمَا هُوَ بِالْعِدَّةِ، وَهَذِهِ تَعْتَدُّ؟ (قَالَ): لَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ (قُلْت): فَمَا يَنْفَعُك حُجَّتُك بِالْعِدَّةِ كَالْعَبَثِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ: تُغَسِّلُهُ إذْ زَعَمْت أَنَّ الْعِدَّةَ تُحِلُّ لَهَا مِنْهُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا غُسْلُهُ، قِيلَ: أَفَيَحِلُّ لَهَا فِي الْعِدَّةِ مِنْهُ، وَهُمَا حَيَّانِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى فَرْجِهِ وَتُمْسِكَهُ كَمَا كَانَ يَحِلُّ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ: وَهِيَ مِنْهُ فِي عِدَّةٍ (قَالَ): وَلَا تُحِلُّ الْعِدَّةُ هَهُنَا شَيْئًا، وَلَا تُحَرِّمُهُ إنَّمَا تُحِلُّهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فَإِذَا زَالَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ فَهِيَ مِنْهُ فِيمَا يَحِلُّ لَهُ وَيَحْرُمُ كَمَا تُعَدُّ النِّسَاءُ.

قِيلَ: وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: فَلَوْ قَالَ: هَذَا غَيْرُكُمْ ضَعَّفْتُمُوهُ؛ وَهِيَ لَا تَعْدُو، وَهُوَ لَا يَعْدُو إذَا مَاتَتْ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ النِّكَاحِ زَائِلًا بِلَا زَوَالٍ لِلطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ غَسْلُهَا، وَلَا لَهَا غَسْلُهُ أَوْ يَكُونَ ثَابِتًا فَيَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مَا يَحِلُّ لِلْآخَرِ أَوْ نَكُونَ مُقَلِّدِينَ لِسَلَفِنَا فِي هَذَا، فَقَدْ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ وَسْطَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ تُغَسِّلَهُ أَسْمَاءُ، وَهُوَ فِيمَا يَحِلُّ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَعْلَمُ وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ إذَا رَأَى لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ إذَا مَاتَ كَانَ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا إذَا مَاتَتْ لِأَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي حَلَّتْ لَهُ بِهِ هُوَ الْعَقْدُ الَّذِي بِهِ حَلَّ لَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَرْجَ كَانَ حَرَامًا قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَمَّا انْعَقَدَ حَلَّ حَتَّى تَنْفَسِخَ الْعُقْدَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مَا لِلْآخَرِ لَا يَكُونُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا فِي الْعَقْدِ شَيْءٌ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ، وَلَا إذَا انْفَسَخَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فِي شَيْءٍ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ، وَلَا إذَا مَاتَ شَيْءٌ لَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ فَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ سَوَاءٌ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَوْ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ» " أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ أَوْصَتْهَا أَنْ تُغَسِّلَهَا إذَا كَانَتْ هِيَ، وَعَلِيٌّ فَغَسَّلَتْهَا هِيَ، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

بَابُ الْعَمَلِ فِي الْجَنَائِزِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَقٌّ عَلَى النَّاسِ غُسْلُ الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ لَا يَسَعُ عَامَّتَهُمْ تَرْكُهُ، وَإِذَا قَامَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لَهُ أَجْزَأَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ كَالْجِهَادِ عَلَيْهِمْ حَقٌّ أَنْ لَا يَدَعُوهُ، وَإِذَا ابْتَدَرَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْفِي النَّاحِيَةَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْجِهَادُ أَجْزَأَ عَنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>