للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ قَسْمِ الْمَالِ عَلَى مَا يُوجَدُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَيُّ مَالٍ أُخِذَتْ مِنْهُ الصَّدَقَةُ قُسِمَ الْمَالُ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يُبَدَّلْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يُبَعْ، فَإِنْ اجْتَمَعَ حَقُّ أَهْلِ السُّهْمَانِ فِي بَعِيرٍ، أَوْ بَقَرَةٍ، أَوْ شَاةٍ، أَوْ دِينَارٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، أَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ وَأَكْثَرُ أُعْطَوْهُ وَأُشْرِكَ بَيْنَهُمْ فِيهِ كَمَا يُعْطَى الَّذِي وُهِبَ لَهُمْ وَأُوصِيَ لَهُمْ بِهِ وَأُقِرَّ لَهُمْ بِهِ وَاشْتَرَوْهُ بِأَمْوَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمْ عُشْرَهُ وَآخَرُ نِصْفَهُ وَآخَرُ مَا بَقِيَ مِنْهُ أُعْطُوهُ عَلَى قَدْرِ مَا اسْتَحَقُّوا مِنْهُ، وَهَكَذَا يُصْنَعُ فِي جَمِيعِ أَصْنَافِ الصَّدَقَاتِ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ فِي الْمَاشِيَةِ كُلِّهَا وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ حَتَّى يُشْرَكَ بَيْنَ النَّفَرِ فِي الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ لَا يُبَاعُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ وَلَا تُبَاعُ الدَّنَانِيرُ بِدَرَاهِمَ وَلَا الدَّرَاهِمُ بِفُلُوسٍ وَلَا بِحِنْطَةٍ ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ، فَإِنَّهُ يُكَالُ لِكُلٍّ حَقُّهُ.

بَابُ جِمَاعِ قَسْمِ الْمَالِ مِنْ الْوَالِي وَرَبِّ الْمَالِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَجَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْ مُسْلِمٍ مِنْ صَدَقَةِ فِطْرٍ وَخُمُسِ رِكَازٍ وَزَكَاةِ مَعْدِنٍ وَصَدَقَةِ مَاشِيَةٍ وَزَكَاةِ مَالٍ وَعُشْرِ زَرْعٍ وَأَيِّ أَصْنَافِ الصَّدَقَاتِ أُخِذَ مِنْ مُسْلِمٍ فَقَسْمُهُ وَاحِدٌ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي فِي بَرَاءَةٌ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الْآيَةَ لَا يَخْتَلِفُ، وَسَوَاءٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ عَلَى مَا وَصَفْت، فَإِذَا قَسَمَهُ الْوَالِي فَفِيهِ سَهْمُ الْعَامِلِينَ مِنْهُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عَامِلَ عَلَيْهِ يَأْخُذُهُ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُهُ فِيهِ وَالْعَامِلُونَ فِيهِ عَدَمٌ، فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: فَأَنَا إلَيَّ أَخْذُهُ مِنْ نَفْسِي وَجَمْعُهُ وَقَسْمُهُ فَآخُذُ أَجْرَ مِثْلِي قِيلَ إنَّهُ لَا يُقَالُ لَك عَامِلُ نَفْسِك وَلَا يَجُوزُ لَك إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ فَرْضًا عَلَيْك أَنْ يَعُودَ إلَيْك مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِنْ أَدَّيْت مَا كَانَ عَلَيْك أَنْ تُؤَدِّيَهُ وَإِلَّا كُنْت عَاصِيًا لَوْ مَنَعْته، فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ وَلَّيْتهَا غَيْرِي؟ قِيلَ إذَا كُنْت لَا تَكُونُ عَامِلًا عَلَى غَيْرِك لَمْ يَكُنْ غَيْرُك عَامِلًا إذَا اسْتَعْمَلْته أَنْتَ، وَلَا يَكُونُ وَكِيلُك فِيهَا إلَّا فِي مَعْنَاك، أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ عَلَيْك تَفْرِيقُهَا، فَإِذَا تَحَقَّقَ مِنْك فَلَيْسَ لَك الِانْتِقَاصُ مِنْهَا لَمَّا تَحَقَّقْت بِقِيَامِهِ بِهَا (قَالَ): وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُوَلِّي زَكَاةَ مَالِهِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَاسِبَ بِهَا الْمَسْئُولَ عَنْهَا هُوَ، فَهُوَ أَوْلَى بِالِاجْتِهَادِ فِي وَضْعِهَا مَوَاضِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِي أَدَائِهَا، وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ لَا يَدْرِي أَدَّاهَا عَنْهُ، أَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا، فَإِنْ قَالَ: أَخَافُ حِبَائِي، فَهُوَ يَخَافُ مِنْ غَيْرِهِ مِثْلَ مَا يَخَافُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَسْتَيْقِنُ فِعْلَ نَفْسِهِ فِي الْأَدَاءِ وَيَشُكُّ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ.

بَابُ فَضْلِ السُّهْمَانِ عَنْ جَمَاعَةِ أَهْلِهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُعْطِي الْوُلَاةُ جَمِيعَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، الثَّمَرَةِ، وَالزَّرْعِ، وَالْمَعَادِنِ، وَالْمَاشِيَةِ.

فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْوُلَاةُ بَعْدَ حُلُولِهَا لَمْ يَسَعْ أَهْلَهَا إلَّا قَسْمُهَا، فَإِنْ جَاءَ الْوُلَاةُ بَعْدَ قَسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>