للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا أَهْلَ قَرَابَةٍ لَهُ، أَوْ غَيْرَ قَرَابَةٍ، وَأَمَّا أَهْلُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي فِيهَا الصَّدَقَةُ فَأَمْرُهُمْ بَيِّنٌ، يُقْسَمُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرَةُ عَلَى جِيرَانِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِيرَانٌ فَأَقْرَبَ النَّاسِ بِهَا جِوَارًا؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِاسْمِ جِوَارِهَا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَوَاشِي الْخِصْبَةِ وَالْأَوَارِكِ وَالْإِبِلِ الَّتِي لَا يُنْتَجَعُ بِهَا، فَأَمَّا أَهْلُ النُّجَعِ الَّذِينَ يَتَتَبَّعُونَ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ دِيَارٌ، بِهَا مِيَاهُهُمْ وَأَكْثَرُ مُقَامِهِمْ لَا يُؤَثِّرُونَ عَلَيْهَا إذَا أَخْصَبَتْ شَيْئًا فَأَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ مِنْ الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ تَكُونَ الْأَغْلَبَ عَلَيْهِمْ أَوْلَى كَمَا كَانَ جِيرَانُ أَهْلِ الْأَمْوَالِ الْمُقِيمِينَ أَوْلَى بِهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَنْتَجِعُ بِنُجْعَتِهِمْ، كَانَ أَقْرَبَ جِوَارًا مِمَّنْ يُقِيمُ فِي دِيَارِهِمْ إلَى أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ، وَتُقْسَمُ الصَّدَقَةُ عَلَى النَّاجِعَةِ الْمُقِيمَةِ بِنُجْعَتِهِمْ وَمُقَامِهِمْ دُونَ مَنْ انْتَجَعَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دَارِهِمْ. وَدُونَ مَنْ انْتَجَعُوا إلَيْهِ فِي دَارِهِ، أَوْ لَقِيَهُمْ فِي النُّجْعَةِ مِمَّنْ لَا يُجَاوِرُهُمْ، وَإِذَا تَخَلَّفَ عَنْهُمْ أَهْلُ دَارِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُنْتَجِعٌ مِنْ أَهْلِهَا يَسْتَحِقُّ السُّهْمَانَ جُعِلَتْ السُّهْمَانُ فِي أَهْلِ دَارِهِمْ دُونَ مَنْ انْتَجَعُوا إلَيْهِ. وَلَقِيَهُمْ فِي النُّجْعَةِ مِنْ أَهْلِهَا، لَوْ انْتَقَلُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَصَدَقَاتِهِمْ بِجِيرَانِ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي فَرُّوا بِهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ نُجْعَتُهُمْ حَتَّى لَا يَعُودُوا إلَى بِلَادِهِمْ إلَّا فِيمَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى جِيرَانِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَمْ تُحْمَلْ إلَى أَهْلِ دَارِهِمْ إذَا صَارُوا مِنْهُمْ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.

بَابُ فَضْلِ السُّهْمَانِ عَنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ إلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ الصِّنْفِ حَتَّى يَسْتَغْنُوا، فَإِذَا فَضَلَ فَضْلٌ عَنْ إغْنَائِهِمْ نُقِلَتْ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِمْ دَارًا (قَالَ): وَإِذَا اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ أَهْلُ نَسَبِهِمْ وَعِدًى قُسِمَتْ عَلَى أَهْلِ نَسَبِهِمْ دُونَ الْعِدَى، وَإِنْ كَانَ الْعِدَى أَقْرَبَ النَّاسِ بِهِمْ دَارًا وَكَانَ أَهْلُ نَسَبِهِمْ مِنْهُمْ عَلَى سَفَرٍ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ قُسِمَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الْعِدَى إذَا كَانَ دُونَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِاسْمِ حَضْرَتِهِمْ، وَمَنْ كَانَ أَوْلَى بِاسْمِ حَضْرَتِهِمْ كَانَ أَوْلَى بِجِوَارِهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ نَسَبِهِمْ دُونَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَالْعِدَى أَقْرَبَ مِنْهُمْ، قُسِمَتْ عَلَى أَهْلِ نَسَبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بِالْبَادِيَةِ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنْ اسْمِ الْجِوَارِ، وَلِذَلِكَ هُمْ فِي الْمُتْعَةِ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

بَابُ مِيسَمِ الصَّدَقَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي لِوَالِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَسِمَ كُلَّ مَا يَأْخُذُ مِنْهَا مِنْ إبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، يَسِمُ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ فِي أَفْخَاذِهَا وَالْغَنَمَ فِي أُصُولِ آذَانِهَا وَيَجْعَلُ مِيسَمَ الصَّدَقَةَ مَكْتُوبًا لِلَّهِ وَيَجْعَلُ مِيسَمَ الْغَنَمِ أَلْطَفَ مِنْ مِيسَمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَإِنَّمَا قُلْت يَنْبَغِي لَهُ لِمَا بَلَغَنَا أَنَّ عُمَّالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَسِمُونَ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَّالَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانُوا يَسِمُونَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>