للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ فَقَالَ عُمَرُ " نَدْفَعُهَا إلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا " قَالَ: فَقُلْت وَهِيَ عَمْيَاءُ؟ فَقَالَ " يَقْطُرُونَهَا بِالْإِبِلِ " قُلْت: فَكَيْفَ تَأْكُلُ مِنْ الْأَرْضِ؟ فَقَالَ عُمَرُ " أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ أَمْ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ؟ " فَقُلْت: لَا. بَلْ مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ عُمَرُ " أَرَدْتُمْ وَاَللَّهِ أَكْلَهَا " فَقُلْت: إنَّ عَلَيْهَا وَسْمَ الْجِزْيَةِ قَالَ فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَأُتِيَ بِهَا فَنُحِرَتْ وَكَانَتْ عِنْدَهُ صِحَافٌ تِسْعٌ فَلَا تَكُونُ فَاكِهَةٌ وَلَا طُرْفَةٌ إلَّا جَعَلَ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ فَبَعَثَ بِهَا إلَى أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكُونُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إلَى حَفْصَةَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ كَانَ فِي حَظِّ حَفْصَةَ، قَالَ فَجَعَلَ فِي تِلْكَ الصِّحَافِ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَبَعَثَ بِهَا إلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ اللَّحْمِ فَصُنِعَ فَدَعَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمْ تَزَلْ السُّعَاةُ يَبْلُغُنِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَسِمُونَ كَمَا وَصَفْت، وَلَا أَعْلَمُ فِي الْمِيسَمِ عِلَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا أُخِذَ مِنْ الصَّدَقَةِ مَعْلُومًا فَلَا يَشْتَرِيهِ الَّذِي أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ خَرَجَ مِنْهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي فَرَسٍ حُمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرَآهُ يُبَاعُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ» وَكَمَا تَرَكَ الْمُهَاجِرُونَ نُزُولَ مَنَازِلِهِمْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

بَابُ الْعَلَّةِ فِي الْقَسْمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا تَوَلَّى الرَّجُلُ قَسْمَ الصَّدَقَةِ قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ أَسْقَطَ مِنْهَا سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ إلَّا أَنْ يَجِدَهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي وَصَفْت يَشْخَصُونَ لِمَعُونَةٍ عَلَى أَخْذِ الصَّدَقَةِ فَيُعْطِيهِمْ، وَلَا سَهْمَ لِلْعَامِلِينَ فِيهَا، وَأُحِبُّ لَهُ مَا أَمَرْت بِهِ الْوَالِيَ مِنْ تَفْرِيقِهَا فِي أَهْلِ السُّهْمَانِ مِنْ أَهْلِ مِصْرِهِ كُلِّهِمْ مَا كَانُوا مَوْجُودِينَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ صِنْفٍ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ أَعْطَاهُ سَهْمَ ذَلِكَ الصِّنْفِ كُلَّهُ إنْ اسْتَحَقَّهُ، وَذَلِكَ أَنِّي إنْ لَمْ أُعْطِهِ إيَّاهُ، فَإِنَّمَا أُخْرِجُهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ مَعَهُ قَسْمٌ فَلَمْ أُجِزْ أَنْ أُخْرِجَ عَنْ صِنْفٍ سَمَّوْا شَيْئًا وَمِنْهُمْ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (قَالَ): وَإِنْ وُجِدَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَضَاقَتْ زَكَاتُهُ أَحْبَبْت أَنْ يُفَرِّقَهَا فِي عَامَّتِهِمْ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَقَلُّ مَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ أَقَلَّ جِمَاعِ أَهْلِ سَهْمٍ ثَلَاثَةٌ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِجِمَاعِ فُقَرَاءَ وَمَسَاكِينَ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ مَنْ مَعَهُمْ، فَإِنْ قَسَمَهُ عَلَى اثْنَيْنِ، هُوَ يَجِدُ ثَالِثًا ضَمِنَ ثُلُثَ السَّهْمِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ وَاحِدًا ضَمِنَ ثُلُثَيْ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَهْلَ صِنْفٍ وَهُمْ مَوْجُودُونَ ضَمِنَ سَهْمَهُمْ، وَهَكَذَا هَذَا مِنْ أَهْلِ كُلِّ صِنْفٍ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يَبِنْ لِي أَنْ أَجْعَلَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ أَهْلَهُ بِالِاسْمِ، وَإِنْ تَرَكَ مَوْضِعَ الْجِوَارِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَكَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْبَعِيدِ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ قَرَابَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ خَاصَّتُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرَابَتِهِ مَا عَدَا أَوْلَادَهُ وَوَالِدَيْهِ، وَلَا يُعْطِي وَلَدَ الْوَلَدِ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا وَلَا زَمِنًا وَلَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً زَمْنَى (قَالَ الرَّبِيعُ): لَا يُعْطِي الرَّجُلُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ لَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَلَا ابْنًا وَلَا جَدًّا وَلَا جَدَّةً وَلَا أَعْلَى مِنْهُمْ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ نَفَقَتَهُمْ تَلْزَمُهُ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا غَيْرَ زَمْنَى لَا يُغْنِيهِمْ كَسْبُهُمْ فَهُمْ فِي حَدِّ الْفَقْرِ لَا يُعْطِيهِمْ مِنْ زَكَاتِهِ، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ زَمْنَى مُسْتَغْنِينَ بِحِرْفَتِهِمْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُمْ وَكَانُوا فِي حَدِّ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>