للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقُولُ لَهُ: اجْعَلْهَا عُمْرَةً، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُلَبِّيَ بِحَجٍّ ثُمَّ يُقِيمَ

بَابُ هَلْ يُسَمِّي الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ عِنْدَ الْإِهْلَالِ أَوْ تَكْفِي النِّيَّةُ مِنْهُمَا؟

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فِيمَا حَكَيْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْمُلَبِّي كَافِيَةٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُظْهِرَ مَا يُحْرِمُ بِهِ كَمَا تَكُونُ نِيَّةُ الْمُصَلِّي مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً أَوْ نَذْرًا كَافِيَةً لَهُ مِنْ إظْهَارِ مَا يَنْوِي مِنْهَا بِأَيِّ إحْرَامٍ نَوَى، وَنِيَّةُ الصَّائِمِ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ عَنْ غَيْرِهِ كَفَتْهُ نِيَّتُهُ مِنْ أَنْ يُسَمِّيَ أَنَّ حَجَّهُ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «مَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَلْبِيَتِهِ حَجًّا قَطُّ وَلَا عُمْرَةً».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ سَمَّى الْمُحْرِمُ ذَلِكَ لَمْ أَكْرَهْهُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ كَانَ سُنَّةً سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مَنْ بَعْدَهُ، وَلَوْ لَبَّى الْمُحْرِمُ فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ حَجَّةً كَانَ مُفْرِدًا وَلَوْ أَرَادَ عُمْرَةً كَانَ مُعْتَمِرًا وَلَوْ سَمَّى عُمْرَةً وَهُوَ يُرِيدُ حَجًّا كَانَ حَجًّا وَلَوْ سَمَّى عُمْرَةً وَهُوَ يُرِيدُ قِرَانًا كَانَ قِرَانًا إنَّمَا يَصِيرُ أَمْرُهُ إلَى النِّيَّةِ إذَا أَظْهَرَ التَّلْبِيَةَ مَعَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ لَفْظِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا عَمَلٌ لِلَّهِ خَالِصًا لَا شَيْءَ لِأَحَدٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ غَيْرُهُ فِيهِ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِ دُونَ نِيَّتِهِ، وَلَوْ لَبَّى رَجُلٌ لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَلَا مُعْتَمِرًا كَمَا لَوْ كَبَّرَ لَا يُرِيدُ صَلَاةً لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ أَكَلَ سَحَرًا لَا يُرِيدُ صَوْمًا لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الصَّوْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ يَوْمًا كَامِلًا وَلَا يَنْوِي صَوْمًا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا، وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لَقِيَ رَكْبًا بِالسَّاحِلِ مُحْرِمِينَ فَلَبَّوْا فَلَبَّى ابْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ دَاخِلٌ إلَى الْكُوفَةِ وَالتَّلْبِيَةُ ذِكْرٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَضِيقُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَقُولَ، وَلَا يُوجِبُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ فِي إحْرَامٍ إذَا لَمْ يَنْوِهِ.

بَاب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ؟

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك» قَالَ نَافِعٌ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك» وَذَكَرَ الْمَاجِشُونُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): كَمَا رَوَى جَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ «كَانَتْ أَكْثَرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ الَّتِي أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ تَلْبِيَةَ الْمُحْرِمِ لَا يَقْصُرُ عَنْهَا وَلَا يُجَاوِزُهَا»، إلَّا أَنْ يُدْخِلَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ مِثْلُهَا فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهَا تَلْبِيَةٌ وَالتَّلْبِيَةُ إجَابَةٌ. فَأَبَانَ أَنَّهُ أَجَابَ إلَهَ الْحَقِّ بِلَبَّيْكَ أَوَّلًا وَآخِرًا. أَخْبَرَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>