للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى فِي إثْرِ كَمَالِ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَنَّةَ وَيَتَعَوَّذَ مِنْ النَّارِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ مَا يَسْأَلُ وَيَسْأَلُ بَعْدَهَا مَا أَحَبَّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعْفَاهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ»، أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَأْمُرُ إذَا فَرَغَ مِنْ التَّلْبِيَةِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بضباعة بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ أَمَّا تُرِيدِينَ الْحَجَّ؟ فَقَالَتْ إنِّي شَاكِيَةٌ فَقَالَ لَهَا حِجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ هَلْ تَسْتَثْنِي إذَا حَجَجْت؟ فَقُلْت لَهَا مَاذَا أَقُولُ؟ فَقَالَتْ: قُلْ " اللَّهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْت وَلَهُ عَمَدْت فَإِنْ يَسَّرْت فَهُوَ الْحَجُّ وَإِنْ حَبَسْتَنِي بِحَابِسٍ فَهِيَ عُمْرَةٌ ".

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ أُعَدِّهِ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدِي خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُخَالِفًا غَيْرَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ مُحْصَرٍ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ مَالٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ تَوَانٍ وَكَانَ إذَا اشْتَرَطَ فَحُبِسَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ مَالٍ أَوْ ضَعْفٍ عَنْ الْبُلُوغِ حَلَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حُبِسَ فِيهِ بِلَا هَدْيٍ وَلَا كَفَّارَةِ غَيْرِهِ وَانْصَرَفَ إلَى بِلَادِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَيَحُجُّهَا وَكَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِشَرْطٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا يَأْمُرُ بِهِ وَكَانَ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ يُوَافِقُهُ فِي مَعْنَى أَنَّهَا أَمَرَتْ بِالشَّرْطِ وَكَانَ وَجْهُ أَمْرِهَا بِالشَّرْطِ إنْ حُبِسَ عَنْ الْحَجِّ فَهِيَ عُمْرَةٌ أَنْ يَقُولَ إنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ عَنْ الْحَجِّ وَوَجَدْت سَبِيلًا إلَى الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ فَهِيَ عُمْرَةٌ وَكَانَ مَوْجُودًا فِي قَوْلِهَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ حَدِيثَ عُرْوَةَ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَمَلَ أَنْ يَحْتَجَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا تَقُولُ: إنْ كَانَ حَجٌّ وَإِلَّا فَهِيَ عُمْرَةٌ، وَقَالَ أَسْتَدِلُّ بِأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ يَحِلُّ إلَّا بِالْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَتْ إذَا ابْتَدَأَتْ أَنْ تَأْمُرَهُ بِشَرْطٍ رَأَتْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ بِغَيْرِ وُصُولٍ إلَى الْبَيْتِ أَمَرَتْهُ بِهِ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ الِاشْتِرَاطَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ عَلَى الْحَاجِّ الْقَضَاءُ إذَا حَلَّ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيمَنْ قَالَ هَذَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ خِلَافَ عَائِشَةَ إذْ أَمَرَهُ بِالْقَضَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَنْ اشْتَرَطَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فَلَا يَكُونُ لِلشَّرْطِ مَعْنًى وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ، وَلَوْ جَرَّدَ أَحَدٌ خِلَافَ عَائِشَةَ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ عُمَرَ فِيمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَيَهْدِي، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُ إلَى إبْطَالِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ يَذْهَبُ فِي إبْطَالِهِ إلَى شَيْءٍ عَالٍ أَحْفَظُهُ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ فَأَنْكَرَهُ، وَمَنْ أَبْطَلَ الِاسْتِثْنَاءَ فَعَمِلَ رَجُلٌ بِهِ فَحَلَّ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَأَصَابَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ جَعَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>