للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَاءِ الْبَيْتِ فَقَالَ " إنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَقَوَّتْ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ فَعَجَزُوا فَتَرَكُوا بَعْضَهَا فِي الْحِجْرِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ " صَدَقْتَ " أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ مَا حُجِرَ الْحِجْرُ فَطَافَ النَّاسُ مِنْ وَرَائِهِ إلَّا إرَادَةَ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّاسُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَسَمِعْت عَدَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قُرَيْشٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ تُرِكَ مِنْ الْكَعْبَةِ فِي الْحِجْرِ نَحْوًا مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَمَالُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَنْ يَطُوفَ الرَّجُلُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ فَإِنْ طَافَ فَسَلَكَ الْحِجْرَ لَمْ يُعْتَدَّ بِطَوَافِهِ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ الْحِجْرَ وَإِنْ طَافَ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَكَانَ كُلُّ طَوَافٍ طَافَهُ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي الْحِجْرِ أَوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ كَمَا لَمْ يَطُفْ، وَإِذَا ابْتَدَأَ الطَّائِفُ الطَّوَافَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ يَدَعُهُ عَنْ يَسَارِهِ، وَيَطُوفُ فَإِنْ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَتَرَكَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَطَافَ فَقَدْ نَكَّسَ الطَّوَافَ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ بِالْبَيْتِ مَنْكُوسًا، وَمَنْ طَافَ سَعَا عَلَى مَا نَهَيْتُ عَنْهُ مِنْ نَكْسِ الطَّوَافِ أَوْ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي الْحِجْرِ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ كَانَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَطُفْ وَلَا يَخْتَلِفَانِ

بَابُ مَا جَاءَ فِي مَوْضِعِ الطَّوَافِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِكْمَالُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ وَوَرَاءِ شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ طَافَ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ وَجَعَلَ طَرِيقَهُ مِنْ بَطْنِ الْحِجْرِ أَعَادَ الطَّوَافَ وَكَذَلِكَ لَوْ طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ أَعَادَ الطَّوَافَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ " وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ " فَكَيْفَ زَعَمْتَ أَنَّهُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَغَيْرِهِ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى، أَمَّا الشَّاذَرْوَانُ فَأَحْسَبُهُ مُنْشَأً عَلَى أَسَاسِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ مُقْتَصِرًا بِالْبُنْيَانِ عَنْ استيظافه فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا كَانَ الطَّائِفُ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَكْمِلْ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إنَّمَا طَافَ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَأَمَّا الْحِجْرُ فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتْ الْكَعْبَةَ اسْتَقْصَرَتْ مِنْ قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ فَتُرِكَ فِي الْحِجْرِ أَذْرُعٌ مِنْ الْبَيْتِ، فَهَدَمَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْتَنَاهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَهَدَمَ الْحَجَّاجُ زِيَادَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ الَّتِي اسْتَوْظَفَ بِهَا الْقَوَاعِدَ، وَهَمَّ بَعْضُ الْوُلَاةِ بِإِعَادَتِهِ عَلَى الْقَوَاعِدِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لَا يَأْتِيَ وَالٍ إلَّا أَحَبَّ أَنْ يُرَى لَهُ فِي الْبَيْتِ أَثَرٌ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَالْبَيْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُطْمَعَ فِيهِ، وَقَدْ أَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ خُلَفَاؤُهُ بَعْدَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْمَسْجِدُ كُلُّهُ مَوْضِعٌ لِلطَّوَافِ.

بَابٌ فِي حَجِّ الصَّبِيِّ

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>