للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسُهُ وَالْيَمَامُ وَالْقَمَارِيُّ وَالدَّبَّاسِيُّ وَالْفَوَاخِتُ وَكُلُّ مَا أَوْقَعَتْ الْعَرَبُ عَلَيْهِ اسْمَ حَمَامَةٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حَمَامُ الطَّائِرِ نَاسُ الطَّائِرِ أَيْ يَعْقِلُ عَقْلَ النَّاسِ وَذَكَرَتْ الْعَرَبُ الْحَمَامَ فِي أَشْعَارِهَا: فَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

وَذَكَّرَنِي بُكَايَ عَلَى تَلِيدٍ … حَمَامَةَ أَنْ تَجَاوَبَتْ الْحَمَامَا

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَحِنُّ إذَا حَمَامَةُ بَطْنِ وَجٍّ … تَغَنَّتْ فَوْقَ مَرْقَبَةٍ حُنَيْنًا

وَقَالَ جَرِيرٌ:

إنِّي تُذَكِّرُنِي الزُّبَيْرَ حَمَامَةٌ … تَدْعُو بِمِدْفَعِ رَامَتَيْنِ هَدِيلًا

قَالَ الرَّبِيعُ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَقَفْت عَلَى الرَّسْمِ الْمُحِيلِ فَهَاجِنِي … بُكَاءُ حَمَامَاتٍ عَلَى الرَّسْمِ وُقَّعِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَعَ شِعْرٍ كَثِيرٍ قَالُوهُ فِيهَا، ذَهَبُوا فِيهِ إلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ أَصْوَاتِهَا غِنَاءٌ وَبُكَاءٌ مَعْقُولٌ عِنْدَهُمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطَّائِرِ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَمَامِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَيُقَالُ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَمَامِ مِنْ الطَّائِرِ، فِيهِ شَاةٌ لِهَذَا الْفَرْقِ بِاتِّبَاعِ الْخَبَرِ عَمَّنْ سَمَّيْت فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَلَا أَحْسَبُهُ يُذْهَبُ فِيهِ مَذْهَبٌ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ، وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ انْبَغَى أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ اسْمُ حَمَامَةٍ مِمَّا دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا فَفِيهِ قِيمَتُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَابُ فِيهِ

الْخِلَافُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ فِي حَمَامِ مَكَّةَ شَاةً وَمَا سِوَاهُ مِنْ حَمَامٍ غَيْرِ حَمَامِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الطَّائِرِ قِيمَتَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَدْخُلُ عَلَى الَّذِي قَالَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ شَاةٌ إنْ كَانَ إنَّمَا جَعَلَهُ لِحُرْمَةِ الْحَمَامِ نَفْسِهِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْ قَتَلَ حَمَامَ مَكَّةَ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ وَفِي غَيْرِ إحْرَامٍ شَاةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا شَيْءَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ إذَا قَتَلَ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ وَقَتَلَهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَإِذَا كَانَ هَذَا مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَهُ فَلَيْسَ لِحَمَامِ مَكَّةَ إلَّا مَا لِحَمَامِ غَيْرِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ جُمِعَ أَنَّهُ فِي الْحَرَمِ وَمِنْ حَمَامِ مَكَّةَ انْبَغَى أَنْ يَقُولَ هَذَا فِي كُلِّ صَيْدٍ غَيْرِهِ قُتِلَ فِي الْحَرَمِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الصَّيْدَ يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ الْقَارِنُ فِي الْحَرَمِ كَالصَّيْدِ يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ الْمُفْرِدُ أَوْ الْمُعْتَمِرُ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ وَمَا قَالَ مِنْ هَذَا قَوْلٌ إذَا كُشِفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ فِيهِ شَاةٌ وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِ حَمَامِ الْحَرَمِ شَاةٌ إذَا كَانَ قَوْلُهُ إنَّ حَمَامَ الْحَرَمِ إذَا أُصِيبَ خَارِجًا مِنْهُ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ حَمَامَةً خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَإِنْ أَصَابَ مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا وَجْهٌ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْت قَبْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ إذَا أُصِيبَ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ وَفِي غَيْرِ إحْرَامٍ فِدْيَةً وَلَا أَحْسَبُهُ يَقُولُ هَذَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُهُ وَقَدْ ذَهَبَ عَطَاءٌ فِي صَيْدِ الطَّيْرِ مَذْهَبًا يُتَوَجَّهُ وَمَذْهَبُنَا الَّذِي حَكَيْنَا أَصَحُّ مِنْهُ لِمَا وَصَفْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِي كُلِّ شَيْءٍ صِيدَ مِنْ الطَّيْرِ الْحَمَامَةِ فَصَاعِدًا شَاةٌ وَفِي الْيَعْقُوبِ وَالْحَجَلَةِ وَالْقَطَاةِ وَالْكَرَوَانُ وَالْكُرْكِيِّ وَابْنِ الْمَاءِ وَدَجَاجَةِ الْحَبَشِ وَالْخَرَبِ شَاةٌ شَاةٌ فَقُلْت: لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْت الْخَرَبَ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ شَيْءٍ رَأَيْته قَطُّ مِنْ صَيْدِ الطَّيْرِ أَيُخْتَلَفُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَاةٌ؟ قَالَ: لَا. كُلُّ شَيْءٍ مِنْ صَيْدِ الطَّيْرِ كَانَ حَمَامَةً فَصَاعِدًا فَفِيهِ شَاةٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>