للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ عَمَدَا أَنْ يَمَسَّاهَا رَطْبَةً فَعَلِقَتْ بِأَيْدِيهِمَا افْتَدَيَا وَلَا يَدْهُنَانِ وَلَا يَمَسَّانِ شَيْئًا مِنْ الدُّهْنِ الَّذِي يَكُونُ طَيِّبًا وَذَلِكَ مِثْلُ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ وَالزَّنْبَقِ وَالْخَيْرِيِّ وَالْأَدْهَانِ الَّتِي فِيهَا الْأَبْقَالُ وَإِنْ مَسَّا شَيْئًا مِنْ هَذَا عَامِدَيْنِ افْتَدَيَا وَإِنْ شَمَّا الرَّيْحَانَ افْتَدَيَا وَإِنْ شَمَّا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مَا يَكُونُ طِيبًا مِمَّا لَا يَتَّخِذُهُ النَّاسُ طِيبًا فَلَا فِدْيَةَ وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَا التُّفَّاحَ أَوْ شَمَّاهُ أَوْ الْأُتْرُجَّ أَوْ السَّفَرْجَلَ أَوْ مَا كَانَ طَعَامًا فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَإِنْ أَدْخَلَا الزَّعْفَرَانَ أَوْ الطِّيبَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ فَكَانَ يُوجَدُ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ يَصْبُغُ اللِّسَانَ فَأَكَلَاهُ افْتَدَيَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رِيحُهُ وَلَا طَعْمُهُ وَلَا يَصْبُغُ اللِّسَانَ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُسْتَهْلَكًا فِي الطَّعَامِ وَسَوَاءٌ كَانَ نِيئًا أَوْ نَضِيجًا لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَيُدْهِنَانِ جَمِيعَ أَجْسَادِهِمَا بِكُلِّ مَا أَكَلَا مِمَّا لَيْسَ بِطِيبٍ مِنْ زَيْتٍ وَشَيْرَقٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَسَقْسَقٍ وَيَسْتَطِيعَانِ ذَلِكَ إذَا اجْتَنَبَا أَنْ يَدْهُنَا الرَّأْسَ أَوْ يَدْهُنَ الرَّجُلُ اللِّحْيَةَ فَإِنَّ هَذَيْنِ مَوْضِعُ الدَّهْنِ فَإِنْ دَهَنَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ الرَّأْسَ أَوْ الرَّجُلُ اللِّحْيَةَ بِأَيِّ هَذَا كَانَ افْتَدَى وَإِنْ احْتَاجَا إلَى أَنْ يَتَدَاوَيَا بِشَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ تَدَاوَيَا بِهِ وَافْتَدَيَا (قَالَ): وَكُلُّ مَا كَرِهْت لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّهُ أَوْ يَلْبَسَهُ مِنْ طِيبٍ أَوْ شَيْءٍ فِيهِ طِيبٌ كَرِهْت لَهُ النَّوْمَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَامَ عَلَيْهِ مُفْضِيًا إلَيْهِ بِجِلْدِهِ افْتَدَى، وَإِنْ نَامَ وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ.

التَّلْبِيَةُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُحْرِمَ كَانَ مِمَّنْ حَجَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَوَاسِعٌ لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ وَوَاسِعٌ لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَوَاسِعٌ لَهُ أَنْ يُفْرِدَ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتَكْفِيهِ النِّيَّةُ فِي هَذَا كُلِّهِ مِنْ أَنْ يُسَمِّيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَإِنْ سَمَّى قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ مَعَهُ فَلَا بَأْسَ (قَالَ): وَإِنْ لَبَّى بِحَجٍّ وَهُوَ يُرِيدُ عُمْرَةً فَهُوَ عُمْرَةٌ وَإِنْ لَبَّى بِعُمْرَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ حَجًّا فَهُوَ حَجٌّ، وَإِنْ لَبَّى لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَلَيْسَ بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَإِنْ لَبَّى يَنْوِي الْإِحْرَامَ وَلَا يَنْوِي حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَلَهُ الْخِيَارُ أَنْ يَجْعَلَهُ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَإِنْ لَبَّى وَقَدْ نَوَى أَحَدَهُمَا فَنَسِيَ فَهُوَ قَارِنٌ لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَقَدْ جَاءَ بِالْعُمْرَةِ وَزَادَ حَجًّا، وَإِنْ كَانَ حَاجًّا فَقَدْ جَاءَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَقَدْ جَاءَ بِالْقِرَانِ وَإِذَا لَبَّى قَالَ " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك " وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى هَذَا فِي التَّلْبِيَةِ حَرْفًا إلَّا أَنْ يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَيَقُولُ " لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ " فَإِنَّهُ لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ زَادَ فِي التَّلْبِيَةِ حَرْفًا غَيْرَ هَذَا عِنْدَ شَيْءٍ رَآهُ فَأَعْجَبَهُ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّلْبِيَةِ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ فَإِنَّهُ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ): وَيُلَبِّي قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَنَازِلًا وَجُنُبًا وَمُتَطَهِّرًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَغَيْرِهَا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ لِتُسْمِعَ نَفْسَهَا وَكَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ اضْطِمَامِ الرِّفَاقِ وَعِنْدَ الْإِشْرَافِ، وَالْهُبُوطِ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>