للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضْمُونٌ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ مِنْ عَيْبٍ وَمِنْ غَيْرِ عَيْبٍ وَسَوَاءٌ وُصِفَ لَهُ أَوْ لَمْ يُوصَفْ إذَا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ سَوَاءٌ وَهُوَ شِرَاءُ عَيْنٍ وَلَوْ جَاءَ بِهِ عَلَى الصِّفَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَسَوَاءٌ أَدْرَكْتهَا بِالصِّفَةِ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً وَلَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَجَاءَهُ بِالصِّفَةِ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَذَلِكَ أَنَّ شِرَاءَهُ لَيْسَ بِعَيْنٍ وَلَوْ وَجَدَ تِلْكَ الصِّفَةَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ إيَّاهَا إذَا أَعْطَاهُ صِفَةً غَيْرَهَا وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ شِرَاءِ الْأَعْيَانِ وَالصِّفَاتِ الْأَعْيَانُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَوِّلَ الشِّرَاءَ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُبْتَاعُ وَالصِّفَاتُ يَجُوزُ أَنْ تُحَوَّلُ صِفَةٌ فِي غَيْرِهَا إذَا أَوْفَى أَدْنَى صِفَةٍ وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِي الشَّيْءِ الْغَائِبِ وَفِي الشَّيْءِ الْحَاضِرِ بِالْخِيَارِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِسَبِيلٍ، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الشَّيْءَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ تَطَوَّعَ بِالنَّقْدِ فَلَا بَأْسَ، وَإِذَا اشْتَرَى وَلَمْ يُسَمِّ أَجَلًا فَهُوَ بِنَقْدٍ وَلَا أُلْزِمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَى، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ أَوْ الْعَبْدَ وَقَدْ رَآهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ وَأَبْرَأ الْبَائِعَ مِنْ عَيْبٍ بِهِ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ قَدْ زَادَ الْعَيْبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَا تُبَاعُ السِّلْعَةُ الْغَائِبَةُ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فَعَلَى صَاحِبِهَا مِثْلُهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّيْءَ لِغَائِبٍ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ تَقَعُ الصَّفْقَةُ، فَإِنْ قَالَ أَشْتَرِيهَا مِنْك إلَى شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ أَقْبِضُ السِّلْعَةَ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْبِضُهَا فِي يَوْمِهِ وَيَقْبِضُهَا بَعْدَ شَهْرٍ وَأَكْثَرَ.

بَابٌ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ إلَى أَجَلٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ عَبْدًا لَهُ غَائِبًا بِذَهَبٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى آخَرَ أَوْ غَائِبَةً عَنْهُ بِبَلَدٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ عَبْدًا وَدَفَعَهُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَيُرْضِيَ الْآخَرَ بِحَوَالَةٍ عَلَى رَجُلٍ فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ وَيَقُولُ: خُذْ ذَهَبِي الْغَائِبَةَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْهَا فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ لَهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا أَجَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَبَيْعٌ بِغَيْرِ مُدَّةٍ وَمُحَوَّلًا فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ أَتَى حَائِكًا فَاشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى مَنْسَجِهِ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ بَعْضُهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، نَقَدَهُ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يُخْرِجُ بَاقِيَ الثَّوْبِ وَهَذَا لَا بَيْعُ عَيْنٍ يَرَاهَا وَلَا صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الدَّارِ حَاضِرَةً وَغَائِبَةً وَنَقْدِ ثَمَنِهَا، وَمُذَارَعَةً وَغَيْرَ مُذَارَعَةٍ (قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ.

(قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ بِالْخِيَارِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي ضَامِنٌ حَتَّى يَرُدَّ السِّلْعَةَ كَمَا أَخَذَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا مَعًا، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فَلَيْسَ لِلَّذِي عَلَيْهِ الْخِيَارُ أَنْ يَرُدَّ إنَّمَا يَرُدُّ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ.

(قَالَ): وَبَيْعُ الْخِيَارِ جَائِزٌ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً فَلِلْمُشْتَرِي قَبْضُهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَضْعُهَا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَيَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ، وَإِذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِ وَفِي مِلْكِهِ، وَإِذَا حَالَ الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ يَسْتَبْرِئُهَا فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَضَعُهَا وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي فِيهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَائِعِ حَتَّى يَرُدَّهَا الْمُشْتَرِي أَوْ يَتَفَاسَخَا الْبَيْعَ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِالْخِيَارِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ لِرَجُلٍ وَاسْتَثْنَى رِضَا الْمَبِيعِ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثٍ، فَإِنْ رَضِيَ الْمَبِيعُ لَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ جَعَلَ الرَّدَّ إلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ وَكِيلًا بِرَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ فَتَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَنْ أَمْرِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً عَلَى رِضَا غَيْرِهِ كَانَ لِلَّذِي شُرِطَ لَهُ الرِّضَا الرَّدُّ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ أَسْتَأْمِرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ حَتَّى يَقُولَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>