للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ أُحِلَّ لِمَعْنَى ضَرُورَةٍ أَوْ خَاصَّةٍ.

(قَالَ): وَلَا بَأْسَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَرِيَّةً أَنْ يَطْعَمَ مِنْهَا وَيَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ ثَمَرَتَهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فِي الْمَوْضِعِ مَنْ لَهُ حَائِطٌ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِمُوَافَقَةِ ثَمَرَتِهَا أَوْ فَضْلِهَا أَوْ قُرْبِهَا؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ عَامٌّ لَا خَاصٌّ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِخَبَرٍ لَازِمٍ.

(قَالَ): وَإِنْ حَلَّ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ شِرَاؤُهَا حَلَّ لَهُ هِبَتُهَا وَإِطْعَامُهَا وَبَيْعُهَا وَادِّخَارُهَا وَمَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ الْمَالِ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ أَنَّك إذَا مَلَكْت حَلَالًا حَلَّ لَك هَذَا كُلُّهُ فِيهِ وَأَنْتَ مَلَكْت الْعَرِيَّةَ حَلَالًا.

(قَالَ): وَالْعَرَايَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ هَذَا الَّذِي وَصَفْنَا أَحَدُهَا وَجِمَاعُ الْعَرَايَا كُلُّ مَا أُفْرِدَ لِيَأْكُلَهُ خَاصَّةً وَلَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ الْبَيْعِ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ إذَا بِيعَتْ جُمْلَتُهُ مِنْ وَاحِدٍ وَالصِّنْفُ الثَّانِي.:

أَنْ يَخُصَّ رَبُّ الْحَائِطِ الْقَوْمَ فَيُعْطِيَ الرَّجُلَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ وَثَمَرَ النَّخْلَتَيْنِ وَأَكْثَرَ عَرِيَّةً يَأْكُلُهَا وَهَذِهِ فِي مَعْنَى الْمِنْحَةِ مِنْ الْغَنَمِ يَمْنَحُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الشَّاةَ أَوْ الشَّاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهِ وَلِلْمُعْرَى أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا وَيُتْمِرَهُ وَيَصْنَعَ فِيهِ مَا يَصْنَعُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ.

(قَالَ): وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ مِنْ الْعَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ وَأَكْثَرَ مِنْ حَائِطِهِ لِيَأْكُلَ ثَمَرَهَا وَيُهْدِيَهُ وَيُتْمِرَهُ وَيَفْعَلَ فِيهِ مَا أَحَبَّ وَيَبِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ مُفْرَدَةً مِنْ الْمَبِيعِ مِنْهُ جُمْلَةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُصَّدِّقَ الْحَائِطِ يَأْمُرُ الْخَارِصَ أَنْ يَدَعَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ حَائِطِهِمْ قَدْرَ مَا يَرَاهُمْ يَأْكُلُونَ وَلَا يَخْرُصُهُ لِيَأْخُذَ زَكَاتَهُ، وَقِيلَ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَدَعُ مَا أَعْرَى لِلْمَسَاكِينِ مِنْهَا فَلَا يَخْرُصُهُ وَهَذَا مَوْضُوعٌ بِتَفْسِيرِهِ فِي كِتَابِ الْخَرْصِ

بَابُ الْعَرِيَّةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْعَرِيَّةُ الَّتِي «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْعِهَا أَنَّ قَوْمًا شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَحْضُرُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا وَرِقٍ وَعِنْدَهُمْ فُضُولُ تَمْرٍ مِنْ قُوتِ سَنَتِهِمْ فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْتَرُوا الْعَرِيَّةَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا» وَلَا تَشْتَرِي بِخَرْصِهَا إلَّا كَمَا «سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُخْرَصَ رُطَبًا» فَيُقَالُ مَكِيلَتُهُ كَذَا وَيَنْقُصُ كَذَا إذَا صَارَ تَمْرًا فَيَشْتَرِيهَا الْمُشْتَرِي لَهَا بِمِثْلِ كَيْلِ ذَلِكَ التَّمْرِ وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا يَشْتَرِي مِنْ الْعَرَايَا إلَّا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِشَيْءٍ مَا كَانَ فَإِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ جَازَ الْبَيْعُ وَسَوَاءٌ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فِي شِرَاءِ الْعَرَايَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْعَرَايَا تَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهَا جُزَافٌ بِكَيْلٍ وَتَمْرٌ بِرُطَبٍ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ الْعَرَايَا لَيْسَتْ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ غَنِيٌّ وَلَا فَقِيرٌ وَلَكِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِيهَا جُمْلَةً عَامَّ الْمَخْرَجِ يُرِيدُ بِهِ الْخَاصَّ وَكَمَا نَهَى عَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَكَانَ عَامَّ الْمَخْرَجِ وَلَمَّا أَذِنَ فِي الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَمَرَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا، فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ نَهْيَهُ ذَلِكَ الْعَامَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْخَاصُّ أَنْ يَكُونَ نَهَى عَنْ أَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ فَأَمَّا كُلُّ صَلَاةٍ لَزِمَتْهُ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَكَمَا قَالَ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقَضَى بِالْقَسَامَةِ وَقَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِجُمْلَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَاصًّا وَأَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ وَالْقَسَامَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>