للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَاسْتَثْنَى مَكِيلَةً مِنْهُ فَلَيْسَ مَا بَاعَ مِنْهُ بِمَعْلُومٍ وَقَدْ يَكُونُ يَسْتَثْنِي مُدًّا وَلَا يَدْرِي كَمْ الْمُدُّ مِنْ الْحَائِطِ أَسَهْمٌ مِنْ أَلْفٍ أَمْ مِائَةُ سَهْمٍ أَمْ أَقَلُّ أَمْ أَكْثَرُ فَإِذَا اسْتَثْنَى مِنْهُ كَيْلًا لَمْ يَكُنْ مَا اشْتَرَى مِنْهُ بِجُزَافٍ مَعْلُومٍ وَلَا كَيْلٍ مَضْمُونٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَقَدْ تُصِيبُهُ الْآفَةُ فَيَكُونُ الْمُدُّ نِصْفَ ثَمَرِ الْحَائِطِ وَقَدْ يَكُونُ سَهْمًا مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مِنْهُ حِينَ بَاعَهُ وَهَكَذَا إذَا اسْتَثْنَى عَلَيْهِ نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهُنَّ أَوْ يَتَشَرَّرُهُنَّ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْخِيَارِ وَالشِّرَارِ النَّخْلُ بَعْضُهُ أَكْثَرَ ثَمَنًا مِنْ بَعْضٍ وَخَيْرًا مِنْهُ بِكَثْرَةِ الْحِمْلِ وَجَوْدَةِ الثَّمَرِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ الْحَائِطِ نَخْلًا لَا بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ بِحَالٍ وَلَا جُزْءًا إلَّا جُزْءًا مَعْلُومًا وَلَا نَخْلًا إلَّا نَخْلًا مَعْلُومًا.

(قَالَ): وَإِنْ بَاعَهُ الْحَائِطَ إلَّا رُبْعَهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ أَوْ الْحَائِطَ إلَّا نَخَلَاتٍ يُشِيرُ إلَيْهِنَّ فَإِنَّمَا وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى مَا لَمْ يَسْتَثْنِ فَكَانَ الْحَائِطُ فِيهِ مِائَةَ نَخْلَةٍ اسْتَثْنَى مِنْهُنَّ عَشْرَ نَخَلَاتٍ فَإِنَّمَا وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى تِسْعِينَ بِأَعْيَانِهِنَّ وَإِذَا اسْتَثْنَى رُبْعَ الْحَائِطِ فَإِنَّمَا وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْحَائِطِ وَالْبَائِعُ شَرِيكٌ بِالرُّبْعِ كَمَا يَكُونُ رِجَالٌ لَوْ اشْتَرَوْا حَائِطًا مَعَ شُرَكَاءَ فِيمَا اشْتَرَوْا مِنْ الْحَائِطِ بِقَدْرِ مَا اشْتَرَوْا مِنْهُ.

(قَالَ): وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطِهِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِأَلْفٍ فَإِنْ كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا فَإِنَّمَا بَاعَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْحَائِطِ فَإِنْ قَالَ: أَسْتَثْنِي ثَمَرًا بِالْأَلْفِ بِسِعْرِ يَوْمِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ غَيْرَ مَعْلُومٍ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا مَنْ بَاعَ رَجُلًا غَنَمًا قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ أَوْ بَقَرًا أَوْ إبِلًا فَأُخِذَتْ الصَّدَقَةُ مِنْهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا اشْتَرَى كَامِلًا أَوْ أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ إنْ بَاعَهُ إبِلًا دُونَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَى الْبَائِعِ صَدَقَةُ الْإِبِلِ الَّتِي حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي يَدِهِ وَلَا صَدَقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا.

(قَالَ): وَمِثْلُ هَذَا الرَّجُلِ يَبِيعُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ قَدْ حَلَّ دَمُهُ عِنْدَهُ بِرِدَّةٍ أَوْ قَتْلِ عَمْدٍ أَوْ حَلَّ قَطْعُ يَدِهِ عِنْدَهُ فِي سَرِقَةٍ فَيُقْتَلُ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ أَوْ يُقْطَعُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إمْسَاكِهِ؛ لِأَنَّ الْعُيُوبَ فِي الْأَبْدَانِ مُخَالِفَةٌ نَقْصَ الْعَدَدِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَيْلًا مُعَيَّنًا كَانَ هَكَذَا إذَا كَانَ نَاقِصًا فِي الْكَيْلِ أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ فِيهِ الْبَيْعَ وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك ثَمَرَ نَخَلَاتٍ تَخْتَارُهُنَّ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ وَلَيْسَ يَفْسُدُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ ثَمَرٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَهُوَ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَبِيعُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَا يَصْلُحُ إلَّا مَعْلُومًا؟

بَابُ صَدَقَةِ الثَّمَرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - الثَّمَرُ يُبَاعُ ثَمَرَانِ ثَمَرٌ فِيهِ صَدَقَةٌ وَثَمَرٌ لَا صَدَقَةَ فِيهِ فَأَمَّا الثَّمَرُ الَّذِي لَا صَدَقَةَ فِيهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ لَا عِلَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَأَمَّا مَا بِيعَ مِمَّا فِيهِ صَدَقَةٌ مِنْهُ فَالْبَيْعُ يَصِحُّ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك الْفَضْلَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا عَنْ الصَّدَقَةِ وَصَدَقَتُهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ إنْ كَانَ يُسْقَى بِنَضْحٍ فَيَكُونُ كَمَا وَصَفْنَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَائِطِ أَوْ تِسْعَةَ أَعْشَارِ ثَمَرِهِ وَنِصْفَ عُشْرِ ثَمَرِهِ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِعَطَاءٍ أَبِيعُك ثَمَرَ حَائِطِي هَذَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَضْلًا عَنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَيْسَتْ لَك إنَّمَا هِيَ لِلْمَسَاكِينِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَاعَهُ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَسَكَتَ عَمَّا وَصَفْت مِنْ أَجْزَاءِ الصَّدَقَةِ وَكَمْ قَدْرُهَا كَانَ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِ مَا جَاوَزَ الصَّدَقَةَ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ وَذَلِكَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْكُلِّ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>