للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَلَا شُرْبُهُ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِثْلُ الشَّجَرِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا فَكَانَ سُمًّا لَمْ يَحِلَّ شِرَاءُ السُّمِّ لِيُؤْكَلَ، وَلَا يُشْرَبْ فَإِنْ كَانَ يُعَالَجُ بِهِ مِنْ ظَاهِرِ شَيْءٍ لَا يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَيَكُونُ إذَا كَانَ طَاهِرًا مَأْمُونًا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ مَوْجُودِ الْمَنْفَعَةِ فِي دَاءٍ فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ، وَلَا خَيْرَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ يُخَالِطُهُ لُحُومُ الْحَيَّاتِ التِّرْيَاقُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَيَّاتِ مُحَرَّمَاتٌ؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ غَيْرِ الطَّيِّبَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ مُخَالِطُهُ مَيْتَةٌ، وَلَا لَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا بَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا غَيْرُهُ وَالْأَبْوَالُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ لَا تَحِلُّ إلَّا فِي ضَرُورَةٍ فَعَلَى مَا وَصَفْت هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ (قَالَ): وَجِمَاعُ مَا يُحَرَّمُ أَكْلُهُ فِي ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ خَاصَّةً إلَّا مَا حُرِّمَ مِنْ الْمُسْكِرِ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ حَرَامٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنْ يَضُرَّ كَالسُّمِّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَمَا دَخَلَ فِي الدَّوَاءِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ فَكَانَ مُحَرَّمَ الْمَأْكُولِ فَلَا يَحِلُّ وَمَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمَ الْمَأْكُولِ فَلَا بَأْسَ.

بَابُ السَّلَفِ فِي اللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَتَاعِ أَصْحَابِ الْجَوْهَرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي السَّلَفُ فِي اللُّؤْلُؤِ، وَلَا فِي الزَّبَرْجَدِ، وَلَا فِي الْيَاقُوتِ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحِجَارَةِ الَّتِي تَكُونُ حُلِيًّا مِنْ قِبَلِ أَنِّي لَوْ قُلْت سَلَّفْت فِي لُؤْلُؤَةٍ مُدَحْرَجَةٍ صَافِيَةٍ وَزْنُهَا كَذَا وَكَذَا وَصِفَتُهَا مُسْتَطِيلَةٌ وَوَزْنُهَا كَذَا كَانَ الْوَزْنُ فِي اللُّؤْلُؤَةِ مَعَ هَذِهِ الصِّفَةِ تَسْتَوِي صِفَاتُهُ وَتَتَبَايَنُ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَفَاضَلُ بِالثِّقَلِ وَالْجَوْدَةِ وَكَذَلِكَ الْيَاقُوتُ وَغَيْرُهُ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فِيمَا يُوزَنُ كَانَ اخْتِلَافُهُ لَوْ لَمْ يُوزَنْ فِي اسْمِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَشَدَّ اخْتِلَافًا وَلَوْ لَمْ أُفْسِدْهُ مِنْ قَبْلُ لِلصَّفَاءِ، وَإِنْ تَبَايَنَ وَأَعْطَيْته أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّفَاءِ أُفْسِدَ مِنْ حَيْثُ وَصَفْت؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ أَثْقَلُ مِنْ بَعْضٍ فَتَكُونُ الثَّقِيلَةُ الْوَزْنِ بَيِّنًا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَأُخْرَى أَخَفُّ مِنْهَا وَزْنًا بِمِثْلِ وَزْنِهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَيَتَبَايَنَانِ فِي الثَّمَنِ تَبَايُنًا مُتَفَاوِتًا، وَلَا أَضْبِطُ أَنْ أَصِفَهَا بِالْعِظَمِ أَبَدًا إذَا لَمْ تُوزَنْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعِظَمِ لَا يَضْبِطُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَزْنٌ فَلَمَّا تَبَايَنَ اخْتِلَافُهُمَا بِالْوَزْنِ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا غَيْرُ مَوْزُونَيْنِ أَشَدَّ تَبَايُنًا. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ السَّلَفِ فِي التِّبْرِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّفَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ مَا كَانَ فِي تِبْرِ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ آنُكَ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْقَوْلُ فِيهِ كُلِّهِ كَالْقَوْلِ فِيمَا وَصَفْت مِنْ الْإِسْلَافِ فِيهِ إنْ كَانَ فِي الْجِنْسِ مِنْهُ شَيْءٌ يَتَبَايَنُ فِي أَلْوَانِهِ فَيَكُونُ صِنْفٌ أَبْيَضُ وَآخَرُ أَحْمَرُ وَصَفَ اللَّوْنَ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي اللَّوْنِ فِي أَجْنَاسِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي لِينِهِ وَقَسْوَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَتَبَايَنُ فِي خَلَاصِهِ وَغَيْرِ خَلَاصِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتْرُكَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ شَيْئًا إلَّا وَصَفَهُ فَإِنْ تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا وَاحِدًا فَسَدَ السَّلَفُ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ أَنْ يَقُولَ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا فَسَدَ السَّلَفُ وَهَكَذَا، هَذَا فِي الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالْآنُكِ وَالزَّاوُوقِ فَإِنَّ الزَّاوُوقَ يَخْتَلِفُ مَعَ هَذَا فِي رِقَّتِهِ وَثَخَانَتِهِ يُوصَفُ ذَلِكَ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ اخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ فِي غَيْرِهِ وُصِفَ حَيْثُ يَخْتَلِفُ كَمَا قُلْنَا فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا هَذَا فِي الزِّرْنِيخِ وَغَيْرِهِ وَجَمِيعِ مَا يُوزَنُ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّنْفِ مِنْ الشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَحِجَارَةِ الْأَكْحَالِ وَغَيْرِهَا الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ كَالْقَوْلِ فِي السَّلَفِ فِيمَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>