للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْرَفُ بِهِ لَا يُجْزِئُ فِي السَّلَمِ دُونَهُ وَكَذَلِكَ فِي ثِيَابِ الْقُطْنِ كَمَا وَصَفْت فِي الْعَصْبِ قَبْلَهَا وَكَذَلِكَ الْبَيَاضُ وَالْحَرِيرُ وَالطَّيَالِسَةُ وَالصُّوفُ كُلُّهُ وَالْإِبْرَيْسَمُ وَإِذَا عُمِلَ الثَّوْبُ مِنْ قَزٍّ أَوْ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ مِنْ قُطْنٍ وَصَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْ غَزْلَهُ إذَا عُمِلَ مِنْ غُزُولٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ مِنْ كُرْسُفٍ مَرْوِيٍّ أَوْ مِنْ كُرْسُفٍ خَشِنٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُعْمَلُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ بِبَلَدِهِ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ لَا يَصِفَ غَزْلَهُ إذَا وَصَفَ الدِّقَّةَ وَالْعَمَلَ وَالذَّرْعَ وَقَالَ فِي كُلِّ مَا يُسْلِمُ فِيهِ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَلَزِمَهُ كُلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ الصِّفَةِ الَّتِي يَشْتَرِطُ قَالَ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي وَشْيٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ لِلْوَشْيِ صِفَةٌ يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُرِيَهُ خِرْقَةً وَيَتَوَاضَعَانِهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ يُوَفِّيهِ الْوَشْيَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَشْيُ مَعْرُوفًا كَمَا وَصَفْت؛ لِأَنَّ الْخِرْقَةَ قَدْ تَهْلِكُ فَلَا يُعْرَفُ الْوَشْيُ. .

بَابُ السَّلَفِ فِي الْأُهُبِ وَالْجُلُودِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي جُلُودِ الْإِبِلِ، وَلَا الْبَقَرِ، وَلَا أُهُبِ الْغَنَمِ، وَلَا جِلْدٍ، وَلَا إهَابٍ مِنْ رَقٍّ، وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يُبَاعُ إلَّا مَنْظُورًا إلَيْهِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نَقِيسَهُ عَلَى الثِّيَابِ؛ لِأَنَّا لَوْ قِسْنَاهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحِلَّ إلَّا مَذْرُوعًا مَعَ صِفَتِهِ وَلَيْسَ يُمْكِنُ فِيهِ الذَّرْعُ لِاخْتِلَافِ خِلْقَتِهِ عَنْ أَنْ يُضْبَطَ بِذَرْعٍ بِحَالٍ وَلَوْ ذَهَبْنَا نَقِيسُهُ عَلَى مَا أَجَزْنَا مِنْ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ لَمْ يَصِحَّ لَنَا وَذَلِكَ أَنَّا إنَّمَا نُجِيزُ السَّلَفَ فِي بَعِيرٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ ثَنِيٍّ أَوْ جَذَعٍ مَوْصُوفٍ فَيَكُونُ هَذَا فِيهِ كَالذَّرْعِ فِي الثَّوْبِ وَيَقُولُ رِبَاعٌ وَبَازِلٌ وَهُوَ فِي كُلِّ سِنٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْنَانِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي السِّنِّ قَبْلَهُ حَتَّى يَتَنَاهَى عِظَمُهُ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ مَضْبُوطٌ كَمَا يَضْبِطُ الذَّرْعُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِي الْجُلُودِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقَالَ جِلْدُ بَقَرَةٍ ثَنِيَّةٍ أَوْ رِبَاعٍ، وَلَا شَاةٍ كَذَلِكَ، وَلَا يَتَمَيَّزُ فَيُقَالُ بَقَرَةٌ مِنْ نِتَاجِ بَلَدِ كَذَا؛ لِأَنَّ النِّتَاجَ يَخْتَلِفُ فِي الْعِظَمِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْجِلْدُ يُوقِعُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ كَمَا يُوقِعُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا كَانَ قَائِمًا مِنْ الْحَيَوَانِ فَيُعْرَفُ بِصِفَةِ نِتَاجِ بَلَدِهِ عِظَمُهُ مِنْ صِغَرِهِ خَالَفَتْ الْجُلُودُ الْحَيَوَانَ فِي هَذَا وَفِي أَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَكُونُ السِّنُّ مِنْهُ أَصْغَرَ مِنْ السِّنِّ مِثْلِهِ وَالْأَصْغَرُ خَيْرٌ عِنْدَ التُّجَّارِ فَيَكُونُ أَمَشَى وَأَحْمَلَ مَا كَانَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ فَيَشْتَرِي الْبَعِيرَ بِعِشْرِينَ بَعِيرًا أَوْ أَكْثَرَ كُلُّهَا أَعْظَمُ مِنْهُ لِفَضْلِ التُّجَّارِ لِلْمَشْيِ وَيُدْرِكُ بِذَلِكَ صِفَتَهُ وَجِنْسَهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي الْجُلُودِ هَكَذَا الْجُلُودُ لَا حَيَاةَ فِيهَا وَإِنَّمَا تَفَاضُلُهَا فِي ثَخَانَتِهَا وَسَعَتِهَا وَصَلَابَتِهَا وَمَوَاضِعَ مِنْهَا فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ خَبَرًا نَتَّبِعُهُ، وَلَا قِيَاسًا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا أَجَزْنَا السَّلَفَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ نُجِيزَ السَّلَفَ فِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَرَأَيْنَاهُ لَمَّا لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَدِّهِ فِيهَا رَدَدْنَا السَّلَمَ فِيهِ وَلَمْ نُجِزْهُ نَسِيئَةً وَذَلِكَ أَنَّ مَا بِيعَ نَسِيئَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا مَعْلُومًا وَهَذَا لَا يَكُونُ مَعْلُومًا بِصِفَةٍ بِحَالٍ.

بَابُ السَّلَفِ فِي الْقَرَاطِيسِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَتْ الْقَرَاطِيسُ - تُعْرَفُ بِصِفَةٍ كَمَا تُعْرَفُ الثِّيَابُ بِصِفَةٍ وَذَرْعٍ وَطُولٍ وَعَرْضٍ وَجَوْدَةٍ وَرِقَّةٍ وَغِلَظٍ وَاسْتِوَاءِ صَنْعَةٍ أَسْلَفَ فِيهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَا يَجُوزُ حَتَّى تُسْتَجْمَعَ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِي قُرًى أَوْ رَسَاتِيقَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُقَالَ صَنْعَةُ قَرْيَةِ كَذَا أَوْ كُورَةِ كَذَا أَوْ رُسْتَاقِ كَذَا فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِيمَا أَجَزْنَا فِيهِ السَّلَفَ غَيْرُهَا، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>